ينهض من فراشه محاولاً عدم إيقاظ زوجته .. يسير
بقدمه الحافية على البلطات الثلجية .. يمر فى الطريق من حجرته لـغرفة البنات
بشظايا الزجاج المكسور منذ أسبوع .. قدمه المخدرة من البرد لاتشعر باختراق قطعة
زجاج لها .. يكمل سيره الهادئ وهو ينزف..
يرفع الغطاء المنزلق عن الصغريتين ، ويلحق دمعة الهاربة الدافئة ، كى لاتحرق جدلهن
الناعم بخوفها وحسرتها ..
يعود لغرفته ليجد "ماجدة" جالسة على السرير شاخصة إليه بعينتين معبأتان
بدموع لهما نفس التركيبة العاطفية ..
***
-ينفع يوم عيد تنكد على مامتك أكتر ماهى متنكدة كدة ؟؟
-أنا خدت القرار دا علشان ماتتنكدش أكتر ..
-ياعاطف .. أنت بس بتقول كدة علشان الحادثة لسة طازة ومشاعرك متأثرة ، لكن بعد ...
-مافيش لكن ..
يصرخ ويطوح حذائه الذى كان منحنياً لنزعه ..ويقف فى مواجهتها ..
-لكن إيه ؟؟؟ ماسمعتيش عن الأب اللى بناته الأتنين ومراته ماتوا فى الأنفجار ؟؟
وأمى اللى دمعتها على خدها مانشفتش من ساعتها وهى ماتعرفش حد فى كل اللى ماتوا
وأتصابوا .. لو كنت أنا أو واحدة من البنات اللى "روحها فيهم" زى
مابتقول .. مش كانت زمانها ماتت بحسره قلبها ؟؟ إذا كنتى أنتى مش خايفة على بناتك
أنا ماعنديش أغلى منهم .. مش هاستحمل أشوفهم جثث مقطعة ؟؟ إحنا مالناش عيش فى
البلد دى .
(تجرى لتغلق باب الحجرة .. وتلتفت إليه)
-أهدى يا عاطف .. أهدى أرجوك .. أكيد أنت عارف أنا بحبك أنت والبنات قد إيه ..
أنتوا كل دنيتى .. بس أزاى بسهولة كدة تاخد قرار الهجرة ! .. دا أنت وحيد أمك !!
.. وبعدين هانروح فين وهانشتغل إيه ؟؟ ..ماأحنا هنا مستريحين فى شقتنا التملك اللى
ع البحر اللى كل الناس ...
-شقتنا اللى قزازها أتكسر م الأنفجار ؟؟ شقتنا اللى فيها كل حاجة إلا الأمان ؟؟
هاخد أمى معانا نروح أى حتة بعيد .. إن شالله نروح لبيا عند أبن عمى .. وأهو مهندس
زىّ وهايعرف يلاقيلى شغل معاه.
-عاطف أنا مقدرة مشاعرك بس لازم نفكر بهدوء و ..... إيه الجرح اللى فى رجلك دا ؟؟؟
***
تحتضن حماتها وتبكى ...
-كانوا زى اليومين دول بالظبط من سنتين ... كان هربان م الانفجار .. قلتله نفكر ..
قلتله بلاش .. صدقينى يا ماما قلتله بلاش .. كان بيهرب ؟؟ أهو سابنا بنفس الطريقة
اللى هرب منها .. هانعمل إيه لوحدينا دلوقتى .. نقول للبنات إيه ؟؟ .. ماما .. ردى
علىّ .. ردىّ علىّ قوليلى أقول للبنات إيه ؟؟ قوليلى أقولهم العيد فى مصر وبرة مصر
مش بيجى ليه ؟؟ .. وقوليلى أقولهم فين بابا.
________________________________________________ http://www.el-balad.com/354094
"موضحًا أن التفجير استهدف مبنى الخدمات المجاور للكنيسة وأسفر عن مقتل شخصين
من خدام الكنيسة أحدهما من سمالوط والآخر من الإسكندرية وإصابة آخرين"
+غالباً الحوار اللى بيبدأ بتبادل عبرات الاتضاع والمدح والمجاملة
.. بيكون دا أخر ظهور ليها فى الحديث .. الحاجة اللى بنصرح عنها بذِكر جوهرها، بتهرب
هى من نفاقنا بذاتها وروحها.
+اكتشفت
أنى بتعصب جدااااا لما أبقى مع حد –ماما مثلاً- فى مشوار ويجليها تليفون ، وهى
كمان بالنسبة لى ! .. تبقى مش عارف توريله الحاجة اللى بتتفرجوا عليها فى محل سوا
.. ولا تطلعوا ولا إيه ؟؟ .. ولو صحاب قاعدين فى مكان بتطلبوله أى حاجة كأنه مش
موجود علشان معاه تليفون ، إضافة للازعاج اللى بيعمله اللى بيجيله تليفون ..
وياسلام بقى لو اللى قدامه مش سامعه كويس.
وعلى الطرف الآخر بتعصب جداً لما أكلم حد ويبقى فى محل أو مع حد فى مشوار .. تبقى بتشرح
حاجة بمنتهى الانهماك وتلاقى الطرف التانى " مم .. مممم ... ممم .. لأ نفس
اللون بس مقاس أكبر بقى" !!!!!!!!
كدة التلت أطرف (المتصل والمتصل به واللى معاه) –بخطين العلاقات (اللى على
التليفون واللى فى نفس المكان)- متأزمين .. أمال الموبيل كدة خدم مين ؟؟
الخلاصة اللى وصلتنى "الموبيل يساعد بسهولة على التواصل / الموبيل يدمر
بسهولة التواصل".
+الحاجة
اللى بتقدمها / الكلام اللى بتقوله / عمل الخير اللى بتعمله / الهدية / الحفلة المفاجأة
بتاعت عيد ميلاد حد / ..... كل الحاجات دى جمالها وتأثيرها مش فى جودتها أو إنها
تبقى "متكلفة" –مادياً أو معنوياً- لكن فى أنك تبقى "شايف"
الإنسان اللى بتقدمله الحاجة دى ... آه "شايفه" بس ! .. لكن
"شايفه" كويس.
+كنا
معديين جنب مقلّة .. شفت شوال "الدوم" .. رد فعلى –اللى كان معتاد- هو
أنى اجرى على الشوال وأبدأ أختار الأطرى والأكبر .. وأسيب ماما تواجه احراجها قدام
البياع ، وتدفع تمن اللى اخدتهم ، المرة دى كان الحوار التالى :
أنا : الله ! إيه دا دوم .. عايزة دوم.
ماما: خلاص طيب بعدين ..
أنا : ماشى .. أنا أصلاً مش متشجعة .. مش عارفة بقيت بخاف على سنانى قوى ليه .. مع
انى زمان ماكنتش بخاف.
صاحبة ماما: علشان عرفتى الخوف أصلاً.
أنا: ...... !!! .... (بفكر) ... أصلى لما عرفت الدوم المكسر جاهز بقيت عارفة ان
فى حاجة أسهل.
ماما : بس الدوم اللى على بعضه ليه متعة أكبر.
طنط : ليه ؟؟
أنا : علشان كنت بنفضل ناكل لحد ما لثتى تنزف.
الفترة
الجاية هحاول أطرد كل الخوف اللى اتسربلى .. يارب.
+الناس
–وأنا- مابقتش متوقعة أن حد ممكن يكلم حد لمجرد أنه يسأل عليه بس .. تلاقى
المكالمة فيها ترقب ورتابة فى الأول لحد ما الطرف التانى يسكت علشان الأولانى يسأل
عن الحاجة اللى متصل يسأل عليها. المقدمة غير حماسية "كلاشيهية" مافيهاش
معلومات حقيقة "أزيك .. تمام .. نشكر ربنا .. صحتك ؟ .. كويسة .. الشغل ..
المدام .. طب الحمد لله". ياسلام بقى لو الناس تتصل تسأل على بعض .. هاتبقى
مفاجأة رغم الاتصال اليومى !
+كنت
بتكلم مع واحدة بطريقتى اللى تغيظ –بعترف- بقولها دا كفاية أنك تبتسمى فى وش حد ..
قاطعتنى فى الكلام –وأنا لو مكانها كنت قاطعتنى خالص- وقالتلى بلاش الكلام دا بقى.
معاها حق. بس بجد اليومين دول بالذات فى مصر .. لو ابتسمت فى وش حد رد الفعل اللى
بيبقى على وشه لحد ما تسيبه هو
"التتنيح -> الاستغراب ->
ابتسامة موجسة -> ابتسامة من اللى أنت ابتسامتهاله الأول بتزود ابتسامتك تلقائى
->(بعد ماتمشى) ابتسامة متوجسة -> الاستغراب -> التتنيح" .. غالبا
مش بتلحق كل الانفعالات لأخر الخط .. بس من ملاحظتى هى كدة.
+مش
لازم كلنا نركز مع الاستاد الكبير ونتفضل نهلل ونشتم و ..... إحنا اتخلقنا كلنا
لاعبين بس مش واخدين بالنا ! ... كل واحد ينزل يلعب فى ملعبه يلا.
+دور
دايماً على السلك العريان فى الإنسان .. وحاول تلمسه من غير أبداء انزعاج غطيه ولو
بطبقة صغيرة ، كلنا مكهربين ياعزيزى.
وإذا كانت الشمعة بتشتكى من الضلمة ، أمال التايه اللى بيدور ع النور وماعندوش مصدر ولاإمكانية يعمل إيه ؟؟ (جبتك ياعبد المعين ...)
اللى فاتح شركة وبيدور على شغل وبيسعاله .. بيرقص م الفرحة لما يلاقى الشغل جايله لغاية عنده ، والشمعة المركونة العاطلة لما تلاقى الضلمة حلت عليها وعلى اللى حواليها المفروض تفرح وتستعين ع الشقا بالله وتشوف شغلها .. مش تقلبها مناحة !
من أول ما أعلنت أنها شمعة وهى ضمنياً المفروض عارفة أنها "طوارئ الضلمة" .. بديهى يعنى .. رقاصة وبترقص !
هاتسيح ؟؟ هاتتألم ؟؟ .. هاتحس بحرارة الاحراق وحدها والناس يادوبك هاتحس بدفا وضوء ؟؟ ... هايعاد تشكيلها .. وتتشوه وتتحول ؟؟ ... إيه الجديد ؟؟؟ ماهى عارفة أنها شمعة م "الشمع" مش فولاز ولاصخر ، وخيط "قلبها" اللى بيتحرق رماد هو مصدر النور والدفا .. اللى صنعها ماخدعهاش ..
هاتخلص ؟؟ .. وهى كانت م الأصل ناوية ع الخلود بصورتها دى ؟؟ .. الشموع مش بتفنى .. بتنور السكك لحد ما قامتها تسمح وتمضى انصراف لوطن النور الدايم .. وطنها اللى لو مش مدركة أنها واخدة منه قبص .. هاتنطفى ومش هاتلاقى اللى ينورها .. مافيش شمعة بتعرف تنور نفسها مهما كانت واثقة فى نفسها.
كل سنة وأنتِ .. أنتِ ! .. أصل أنتِ مش طيبة بس .. أنتِ روح حب وسلام وإبداع وعمق ملكوتى أخذ فى الزيادة ...
الست دى بتشتغل مطربة .. وبتغير حياة البشر -الزمنية والأبدية وبتجيب من هنا لهناك ومن هناك لهنا- وبتقول الكلام أنها بتجتهد تكبر بإنسانيتها مش مهنتها .. فكبرت بكللللللل حاجة ، لأن اللى بيطلب دى الباقى كله يزاد له ... مافيش بنى أدم أو أشباه بنى أدم يعتبروا فى باقى أدوار الحياة ؟؟
الذى كان حاكماً غير شرعى للبلاد ، وتغاضى الجميع عن عدم شرعيته ..
الذى كانت تحكمه أمه وتحكم من خلاله .. حتى قتلها فطاردته لعنتها للأبد ..
عن اصحابه البلهاء .. الذين أغرقوه .. ثم يأسوا منه وحاولوا اغتياله ..
عن نزواته المجنونة .. وشذوذه الفكرى ..
عن اغتيالاته لأقرباءه واصدقاءه وقادته العسكريين وحتى معلمه بالسم !
وعن توهمه بناء روما العظيمة من جديد .. باحراقها .. مع جلوسه فى شرفته يعزف ويغنى أشعار هوميروس ! .. مستمتعاً برائحة شواء الأجساد .. وصرخات الهلع والاستغاثة ..مع تصاعد النيران ، وتهاوى الاحياء العريقة لرماد وخراب ..
عن التضحية بالمسيحيين كمسبب للحريق .. فاليهود -الخيار الأخر - فى حماية إحدى زوجاته ..
إعلان الحرب على المسيحيين ! .. ثم تعيين الولاة على أساس ولاءهم له ومدى حرفيتهم فى تعذيب المسيحيين .. وبعد أن صدق كذبته على الارجح ! ، لذا بالغ فى التطهير المقدس بوحشية ..
عن الطاغية الذى أنهته الثورة ! ... هرب منها إلى كوخ أحد خدامه وسقط فى بكاء .. تذكر أمه ولعنتها .. حاصرته الثورة .. فانتحر بعد محاولات فاشلة .. لأنه كان يخشى الموت حتى الموت.
-الأسبوع مر سريعاً جداً .. أسرع من أدراكى بالوقت مرات ومرات. -خائفة جدا جدا جدا على مصر .. رأيت يوم اثلاثاء مظاهرات المعارضين فى المنيا ، وهفت على روحى بالوطنية والحب. واليوم رأيت مظاهرات المؤيدين بالسلاح !! ... مرعبة. كلما تخيلت المواجهة والاشتباك بين "الشعبين" أدعو الله أن يقبض روحى قبل أن أرى هذا المشهد فى مصر .. لأنى ساعتها سأموت بحسرتى. -رغم أنى اجلس فى مركب ثابت على النيل ليس أقل من 3 مرات اسبوعياً -بحكم ظروف عمل- وفى فترات زمنية منتوعة من اليوم ... إلا أنى اليوم كأنى ارى النيل والسماء والجبل والجزيرة لأول مرة ... جمال وفرح وألوان .. مشاعر نفذت إلى أعماقى وخرجت مع زفيرى بالامنتنان والحب لله. -أشارك فى ورشة "سيكو دراما" وغدا أخر يوم ... اليوم كان يوم فاصل فى حياتى "الإنسانية" بسبب هذة الورشة .. أعمق لحظات فى حياة الإنسان هى تلك التى يتلامس فيها مع ال"سلك المكشوف" فى حياة بشر آخرين. -الاستفزاز فى الحياة هو عدو الحياة الأول .. هو معلقة الملح الغلط فى فنجان القهوة المظبوط. -النهاردة فى تمرين من تمارين السيكو دراما كان مطلوب من كل واحد يقول لنفسه جملة واحدة بس .. اخترت أنى أقول لنفسى "الحياة قصيرة" .. بعدها حسيت براحة عظيمة ! .. كأنى أعدت اكتشاف سر الكون. -الخوف مش ضد الاطمئنان ، والحزن العميق مش ضد الفرح الكبير ، والصدق مش ضد الخزلان ، الضعف والاستسلام مش ضد حب الحياة ... بقول كدة مش عن فلسفة لكن عن تجربة ، دلوقتى فىّ كل دا مع بعضه. -الجيل دا الله يكون فى عونه ! -محاولات الفهم مش صعبة .. بس متعبة. -لما تاخد قرار وماحدش يفهمك ، أو كل الناس تغلطك دا مش معناه أن القرار وحش .. المهم القرار يبقى مدروس صح ومعاه راحة .. بس! -أنا تعبانة. مصدعة على طول وماعنديش شهية وشعرى بيقع وعندى اضطرابات نوم ... بس مش خايفة بالمعنى اللى واصل للناس واللى بتطمنى أن ربنا موجود وكدة .. ومش زعلانة اللى هو لأماتزعليش اضحكى بقى .. لأنى بضحك من قلبى مش بمثل ! ... أنا تعابة لأنى فى مرحلة انى بفهم وبخاف .. حقى.
( الصورة لعصفور مات من قنابل الغاز فى محمد محمود - المصدر : التويتر )
كنت بكتب قصة علشان انزلها النهاردة بمناسبة حملة التدوين الأسبوعى ... وكنت مبسوطة ومتحمسة جداً أن فى فرصة أنتظم وأتشجع على التدوين اللى لايمكن يعوضه لافيس بوك ولا تويتر .. ولا حتى الإصدار الورقى.
بعد مافتحت وبكتب .. فتحت التويتر ألقى نظرة .. وكانت
قد إيه قلبى وجعنى ..
مش هاتكلم فى السياسة علشان لو حد فتح الحنافية دلوقتى هاتنزله سياسية ...
بس لقتينى مش عايزة أكتب أقصص !
وافتكرت الصورة دى اللى لفتت نظرى امبارح جداً ...العصافير بتموت !
العصافير مش أغلى من البشر طبعاً .. بس دايماً "العصفور" ليه دلالة رمزية فى حياتنا ...
-أكتر من 4000 يعنى .. هما إيه هاينهبوا ع حس الحادثة -ياباشا أنا بقول نزودها شوية حتى علشان الإعلام ، وبعد كدة نقصقص منها ساعة الشيكات .. دمغات وكدة زى مابنعمل دايماً. -الكلام دا لو الضحايا ماكلفوناش أصلاً ... -هما لمؤخذة كلفونا إيه يا بيه ؟
-تمن الفرم .. الفرم غالى برضه يابجم ، هو أنت لما بتاخد لحمة حتة واحدة زى مابتشتريها مفروم ؟؟ فلم تسجيلى عن الحادث http://www.youtube.com/watch?v=Dp-QUyCrPvM&feature=share
فدان مخطط مساحياً زمنياً بخطوط النتيجة .. أيام وشهور وسنين. أربعة وعشرون عام .. وأربعة وعشرون قيراط ... بفدان عمر.
فى الفدان حالة نسبية من الاكتمال .. ليست الأرض بفدان ، ولكنها على أى حال محدودة .. كل الأوطان أفقياً مرسومة ومحدودة ، ويبقى الفرق فى العمق الذى تحمله الأرض فى قلبها ، وعدد النبضات التى صنعتها الأرجل على كل شبر .. كذلك المساحة الرأسية إلى فوق ... روحياً ، عقلياً. ثقافة الهواء الذى يشغل كل الفراغات فيعبر عن الامتلاء الحقيقى الغير منظور ، بكثافته ونوعه. أفكر فى عالمى الذى عشته .. وطنى الذى تكون وتكونت فيه وبه .. حياتى.
أفكر فى الأبار التى تفجرت تحت قدمى وأنا أسير فى أرضى الغامضة بخطوات عقارب الثوانى التى لا اتحكم فى سرعتها .. الأمطار التى هطلت علىّ فجأة .. العواصف التى اجتاحتنى وأرعبتنى حتى ظننت فيها النهاية. فدانى الصغير ، ملعب خبرتى التى نزفت فيه من الأشواك التى انبتها أو نبتت من نفسها نتيجة اهمالى رعاية أرضى .. رحم حياة الورود والفرح ، بستانى الصغير .. أجل أقول بستانى رغم خرائبه ، وحرائقه ، وساحات حروبه ،ومناطقة الجرداء المتصحرة.
أفكر فى الأرواح .. الذين هم بالنسبة لى فدادين بوضع اليد لا أطمع فى مزيد من التوسع فيها ، لأنى قد بلغت حدود روحها وأحصد أشهى ثمارها على تنوعها .. أجرى فيها على انطلاقى بلا خوف من كهوف مرعبة ، أو فخاخ مخبّأة .. حفظتها حتى بمناطق ضعفها ، ومساحات شوكها ... أعرف مايميز كل أرض روح فيها ، وأى ثمارها الذى يحتفظ بمرارته ولاينضج أبداً.
أفكر على كل مستويات الفدادين الرمزية التى أفكر فيها .. فأكتشف أن السماد العضوى هو بواقى محاصيل تتعفن وينتج عنها مايسمد الأرض فيجعلها تُغنى وتَغنى .. فأجمع أثمارى الفاسدة ومحاصيلى القابلة للحرق ، وأنظمها فى صفوف ، عالمة إنها ستدخل فى حيوات أعظم من التى كانتها ولن تفنى. بل إن عطالتها فى الماضى إثراء للمستقبل.
***
أربعة وعشرون قيراط تعبر عند الصائغين عن نقاوة الذهب وقلة خلطة النحاس به ... أنظر لخبراتى وبختم حكمى أطبع عليها علامة الأربعة وعشرين قيراط ... ليست لأنها كلها عظيمة وناجحة .. لكن لأن كلها كالذهب إذا قدرتها الآن ، كل فرحة .. كل ألم .. بل كل لحظة صمت أرى فيهم خبرة ارتديها فتثرينى لحاضرى ومستقبلى .. كنت استخف بمعنى الخبرة وأقول أن المعرفة تغنى .. حتى اُختُبِرت فاُختَبرت فعرفت أن الاختبار هو من يعطى الخبرة وليس الشحنات الذهنية الفارغة التى تدخل العقل بصبغة الصفر والواحد.
***
لماذا يكون "عيد الميلاد" عيد ؟؟ هو يوم فقط "يوم الميلاد" كمصطلحة الإنجليزى .. بل أنى ابحث عن لغة أدق تدعو بما يليق به كيوم للتأمل فى بداية الحياة ونهايتها.
اُصنف نفسى بأنى الإنسانة "الأسعد" على متسوى تاريخ البشرية الأفقى والرأسى .. واتحفظ على لفظة "أسعد" لأنى اراها غير دقيقة على الإطلاق ، فالسعادة هى حالة قائمة على المواقف –هابينيس / هابنس- فكون اللإنسان "هانئ" حياتياً ، لايعنى –بالنسبة لى- حالة من "الهطل" والضحك الهستيرى المستمر .. فتلك حالة من اللوثة العقلية ، أو التغييب كالناتج عن العقاقير المخدرة والمشروبات الروحانية.
حالة الإحساس الإنسانى بالحياة الكاملة الرائعة .. هو الاحساس بمن ذاق فى الجنة كل الأثمار .. الحلو منها والمر ، والمشبع والحارق وشبه السام المؤلم ..
احساس العين بأنها رأت درجات متنوعة جدا من الألوان ، منها القاتم والدموى ، لكنّ هذا ليس بالشىء المحبط –وإن كان فى مساحته- بل هو مايجعل للوحة ذلك التنوع والتكامل والتناقض والعمق والعجب.
***
اليوم أتأكد تماماً أن الوصول للعمق الداخلى للإنسان أمراً لايملكه الإنسان. أنه كتلك الفقرة التى تحاول لمسها بيدك فى ظهرك فلاتصل إليها أبداً مهما تلويت ، كبؤرة الألم الداخلى التى تعتصرها قبضتك فلاتصل إليها أصابعك.
كمحول الكهرباء الذى يملك وحده الوصول بالتيار للجهد المناسب لجهاز ما بالظبط .. أقل منه لايحيى الجهاز من صمت موته ، وأكثر منه يحرقه.
وحده الله الذى يعرف أن يلمس بالبرق غابة الروح الداخلية حتى باسبط الأشياء .. بنبات ينمو فوق الأسفلت ويستقى بقطرات من مكيف الهواء .. وطعم أكلة تدغدغ الحواس بلذة خفية .. بلسعة برد فى جو خانق يقشعر لها البدن ، فى لمعة سلسة فضية تنعكس على زجاج النافذة فتُلهِم للحظة أن فى القلب نجمة تضوى .. فى مليارات الأشياء بأكواد سرية لكل قلب .. لكل روح .. لكل عقل.
***
يتأتى يوم تذكار مولدى هذا العام بمناخ غريب ... أربعة جنازات بحالات وفاة متنوعة وغريبة وبشعة –خطف وقتل ، معاناة مع المرض الطويل ، موت مفاجئ ، حادث فوق الشنيع- فهل هذا يدعو للتشاؤم ؟؟ بالعكس ، فما الموت والحياة إلا شيئاً واحداً .. وتذكار الحياة يحمل فيه حتمية الموت لتولد الحياة الأسمى .. فهل الميتات بشعة ؟؟ أبداً لم تكن ، بل كانت الحياة كذلك .. الميتات البشعة هى تلك التى تأتى بعد الحياة بلاحياة.
والحياة .. ليست حفلة لمراهين لايوجد فيها إلا اللهو .. بس هى حالة بكل خليط المعانى ، لااستطيع أن أقنع مريض يلازم فراشه وتئن بالألم كل خلاياه أن فرحة الحياة ومتعتها تجسدت مرة لى –خلال العام المنصرم- فى طفل اختارنى دون كل الجلوس فى صالة عزاء وارتكز بيديه المخبوزتين من حب على ركبتىّ ، رفع وجه فى وجهى وابتسم حتى أنغلقت عيناه من ضغط وجنتاه ، ثم سحبنى بقوة تكاد تساوى صفر لركن من خياله فى المكان لأشاركه عبث ما ، فأندفع إليه كأنى ورقة.
وسوف لا يصدق أحد أنه فى أروع مواقف حياتى وأكثرها احتفالاً لازمتنى مرارة وتعاسة ، بسبب نظرة أزدراء وتحقير زمنها يساوى أقل من لحظة بسبب موقف فعلته ولم أقصد ماحمله من معنى أبداً ، ولكنه حمل مالم أحمله به فعاد إلىّ بالعلقم.
أنظر لتفاصيل الحياة الصغيرة جدا جدا ، اللفتات .. الكلمات .. اللمسات ، فأجدها كل شىء .. وأجد كلمة مثل "مهندس" مازالت ليست هى لذلك "الملف" –الذى لم اسحبه بعد- ولا الكارنية الذى لم اهتم باستخراجه ، بل هى تلك الهالة من التقديس ، والسمو الذهنى ، والإبداع الخيّر اللامحدود .. التى لا احسب نفسى استحقها بعد ، لكنى نلت حرية أن أصيغها بنفسى بعيداً عن المزيد القيود الإجبارية.
وألقاب كثيرة المفروض أنها قد دعيت علىّ .. اقيم نفسى على ضوء مفهومها ، فأدرك أن الأربعة وعشرين قيراط نقاوة ليسوا هما المقياس .. فقبل أن يكتشف "باستير" الجراثيم والميركروبات كان مفهوم "التطهير" مختلف تماماً عن بعده.
***
والآن يُطلب منى أن أتمنى أمنية ، أنظر لفدانى وابتسم واصمت .. يقول قلبى شيئاً لاينقله لعقلى فى صيغة كلامية .. وأتخيل لو أن امنياتى السابقة فى الأزمنة الغابرة كان قد تحقق منها شىء ، لكانت كل الأنهار الرقراقة التى تسقينى وتروى ثمارى قد تحولت إلى "كولا" .. وتحول الأسفلت الصلد الممهد تحت قدمى فى طرقى الطويلة لشيكولاتة تغرقنى ولا ألتهمها كشهوتى، ولصارت سحب عالمى عقيمة لاتمطر بعد أن صارت من غزل البنات الهش .. اتحسر حتى أنى لم أفكر كيف أحصل عليه بعد ،بدلاً من أن تحمله الرياح لخفته.
فدان يكتمل فإذا بى اخطو بعد خط تحديده خطوة ، فأدرك أنها ليست النهاية بعد .. ربما كانت بعد خطوة أخرى وربما خطوات عدة ، أنظر لفوق وابتسم ، وأمتلئ باحساس الحياة .. يحيرنى احساس "الكبر" الذى انتبهت إليه فجأة ! .. ويحيرنى "ما" مات .. والجديد الراقص بالحياة .. وكنت أظن الذى مات مخلداً ، والحى أمامى خيال !.
يارب الحياة ، منك ومعك وعندك وإليك يقود .. سر الحياة !
(تجربة جديدة .. الفلم شغال جنبى -شفته قبل كدة- والبطلة كلامها قليل أو تقريباً مابتتكلمش خالص ، فقلت ارغى على لسانها) :)
___________________
أحبك ...
وأنت تحبنى ...
ثم بعد ؟
يقولون أن الحب يكفى ...
هراء !
أنت البساطة والبراءة والصدق ...
وأنا ؟؟ .. يقولون أنى كذلك ...
ها حقاً أنا كذلك ؟؟
إذن فكيف أحبك ولى حبيب قبلك أحبه ويحبنى أيضاً ؟
حب من نوع أخر ؟؟ والحب أنواع ؟؟
والأخلاص ؟؟ هل له أيضاً أنواعاً ؟؟
وهل فيهم نوعاً يسمح بأن ترى حبيبك يأسر ويقتل أمامك ويكون اعتراضك فقط فى صيحات ودموع ؟؟
***
أحبك وأرفض أن استجلبك لعالمى ، لأنك ليس فيه مكان ...
مع أنك حميتنى بحياتك فى عالمك الذى لم يكن لى فيه مكان ...
ولكن ، هل فى الحب فى ذاته يحمل أمكانية عدم الإمكان ؟
وإن أنتهى الشعر والمشاعر وتبقت لدى فقط الحياة ... أأوفرها عنك "بمنطقية" ؟؟
***
يخافونك وكنت أخافك ...
ويعدون أعتى أسلحتهم لملاقاتك ...
وأنا أدرك أنك أمانى الوحيد .. وأنا قاتلتك ونقطة ضعفك الوحيدة.
ثم ؟؟
أين الحب فى هذة القصة ؟؟
***
حبك فى براءتك قلتلك –ولن أقول غباءك لأن ذكائك أنقذنى مراراً- وحبى أمامه استسلم ...
أقول أن مغتاليك "أشرار" ؟؟
فى الحقيقة هم ليسوا كذلك ..
من يرضى بوحش فى المدينة ؟؟
ومن استجلبه كيف يغفل عرضاً شيقاً مثلك ؟؟
الرحمة ؟؟ ...
لماذا لم أفكر فيها وأنت تقتل الوحوش التى طلبتنى كطعام وتسلية ؟؟
الرحمة ؟؟
لم تكن مبدأك وأنت تطلبنى من وسط كل البشر لأنك ... "أحببتنى" بجنون.
***
أتعرف ماحل قصتنا ؟؟
الحل الوحيد هو تدخل من ندعونهم –أنا وأنت والمتعاطفين- "أشرار"
وجود "الأشرار" أحيانا يكون رحمة بالصالحين الذين يورطون أنفسهم فى قصص بنهايات مفتوحة ...
وكما ذكر توفيق الحكيم فى أحدى قصصه أن الشيطان "شهيد" ،
كى لا يتعطل رجال الدين ، وحتى يجد المخطئون من يلقون عليه بأفعالهم ولايثقلوا ضمائرهم بما يزعجهم ...
الآن سأحاول أن اتمسك بك –بصدق- للنهاية
وسأصعد حتى قمة البرج بحذائى ذى الكعب العال وأعرض نفسى للموت لأنى "أحبك"
وأعرف أنك فى النهاية "يجب" أن تموت ...
أجل يجب أن تموت ، وشكراً للــ"أشرار" الذين تدخلوا ليضعوا نهايتاً لقصتنا ...
فلو لم يوجد فى قصتنا "أشرار" لم يخطفونى من حضنك لما احتملت الحياة فى الأحراش معك ...
ولم يتدخلوا لقتلوك بعد وصولك المدينة ماكان ممكناً أن أعيش معك وأطعمك وأسرى عنك وأرافقك كل يوم !
***
مت وأعلم أن الكثيرين سيحبونك وسيحبون حبك ...
فلو عشت لصرت مصدر ضجر ورعب ولك أثر تدميرى كارثى يكرهك بسببه نفس الأشخاص ...
مت وأتركنى بشفقة راقية على ذاتى أنى كنت معك للحظة الأخيرة بكل إخلاص ...
سأتزوج "جاك" ولن يزعجه أنى كنت أحبك .. لأنك لست بغريم
أنت .... "حيوان"
وأنا إنسانة كباقى البشر أبحث عن "حياتى" وحياة بنى جنسى ،
ولى عقل يفاضل ويحسب الخسارة والمكسب ويجنح إلى المنطق ..
وهى حالة "راقية" من التخلى والقسوة لن تعرفوها يامعشر بُياض القلوب
أكتب الآن على مدونتى لأصرخ فى وجه فراغ لايعرفنى أنى أفتقد أمى التى سافرت منذ بضع ساعات ، افتقاد يعوقنى عن فعل أى شىء .. رغم المهام التى تلاحقنى ..
أكتب على مدونتى ولا استطيع عن أفعل على مواقع التواصل الاجتماعى التى أسكب فيها نفسى بشكل مباشر أو فى أغنية أو صورة أو قصة ، لأنها مسرح لأناس يعرفوننى ويعرفونها ويعرفون ملبسات سفرها هذة المرة ، مما قد يجرحهم أو يحملهم بالذنب لأن السبب عائلى ، ومما قد يستجلب لى نوع من الشفقة لا أقبله أبدا إذ يجرحنى بشدة من اصحابى و زملائى فى العمل الموكل إلى .. أو قد يصل إليها ما أود أن أفضى به فيحملها هما فوق هم.
لحقت بأبى بعد أن كنت مسمارها الذى يثبتها فى هذة المدينة بسبب عدم أنتهاء مشروع تخرجى ، وبعد أن أصبح لزاماً أن تكون بقرب ذلك الأب الروحى للعائلة فى ظروف مرضه .. تتركنى وهى تحاول طمأنة نفسها وأبى فى التليفون بأن "العيال مش صغيرين علشان أخاف أسيبهم دول بقوا شباب فى الجامعة" وهى تعلم يقينا إننى مازلت احتاجها بنفس درجة حاجتى لها فى طور الجنين.
ذلك الوجود المعنوى الذى لايُشترط أن تتلامس معه بشكل مادى لتحصل على حاجتك منه ، يكفى أن تكون فى مجاله لتكون كل الأمور على مايرام .. يكفى أن أعرف أنها عادت المنزل –من العمل- وأنا فى الجامعة أتشاجر وأجادل وأسُتهلَك لأشعر بحالة من الراحة تؤازرنى ، أصيغ المواقف المستفزة التى تصادفنى فى جُمل حتى اسكبها عليها بمجرد دخولى مباشراً مع السؤال السرمدى عن الطعام.
تلك الفتاة –أقول الفتاة- التى يحسبها الجميع أختى الكبرى -لأننا نشبه بعضنا تماماً حتى نفس اللدغة- التى أدعوها أو تدعونى ليلا للتسكع لشراء أى شىء من منطقتنا التجارية حتى نفرج عن أنفسنا بالشوبيج –ذلك العلاج الذى يخص أغلب النساء ونتطايق فى اسلوبنا فيه- ، والتى بسبب غيابها سيصبح هذا التوقيت الآن –الذى يتقارب منتصف الليل- موعد لظهور الأشباح فى منزلنا –الذى اتسع فجأة بمجرد خروجها منه وارتفعت اسقفه وسكنته برودة غير محببة- وبداية عرضاً غير مسلى لخيالاتى المفزعة ، ومشاعرى الموحشة.
ذلك الغياب الذى يزرع فيّ عينا ثالثة ، وحاسة سادسة وسابعة وعاشرة ، وقلقاً جديداً .. يجعلنى انتفض لأطمن كل بضع دقائق على إنغلاق كل مفاتيح الغاز فى الموقد .. وتوقف كل الأجهزة الكهربائية ..
الذى يجعلنى أقوم بارجاع الطعام الثلاجة بعد الانتهاء من الأكل تلقائياً ، رغم أنى لم أكن أتناسى عمداً قبل ذلك ، ولكنى لم أكن أفعل أبداً رغم مناشدتها مع كل وجبة وبكاءياتها بعد كل نسيان ..
كأن أحد مكونات الهواء الخاملة قد جرى فصله فجأة عن الهواء ! .. لم يكن له لون أو رائحة أو تأثير ملموس ، لذا لا استطيع وصفه أو رسمه أو التعبير عن وجوده أو غيابه .. ولكن كان يحيط بى بشكل كامل .. يملأ كل الفراغات حولى ويخترقنى بلطف مع أنفاسى ليسكننى ... أشعر بغيابه بشكل لن يفهمه أحد مثلى .. لأنه مظبوط بشفرة بنوية غامضة لاتقطه أنا وحدى ...
والآن اتصنع اللامبالاة ، وأخبر الجميع بمرح أنى استطيع ان اتدبر طعامى وغسيل ملابسى وشغل مشروعى وكل شىء بطريقتى الخاصة ... حقاً يبدو كل هذا ليس صعباً تماما إذا ما أديته بطرقى البدائية ... ولكن الصعوبة الحقيقة تكمن فى احساس لن يفهمه أحد لأن صيغة شخصيتى الاستقلالية و طبيعة علاقتنا الــ"توم-جيريّا" لاتدل عليه أبداً ، ولن أدلل عليه أبداً ... لكنّ هذا لاينفى وجوده بقوة ووضوح لم أكن أظن أنهما موجودتين بهذا الشكل فى سعة كائن صغير مثلى على سطح كوكب بهذا التواضع. http://www.youtube.com/watch?v=xNIk68HDJ2s
عارف رموز الرومانسية ؟
أهم حاجتين ؟
نار وميّة
النار لهب شمعة
والمية دمعة حنيّة.
خدت بالك قبل كدة
أن الدمعة ولهب الشمعة
ليهم نفس الشكل ؟
مع أن الأتنين فى الأصل مايتمسكوش
وإذا حبيت تشكلهم بمزاجك مايتشكلوش.
خدت بالك قبل كدة
إن الصيف والشتا
نار وميّة ؟
الشتا بتنزل مية من السما
يقوم الإنسان ع الأرض يرد على بردها
ويولّع نار يدفّى
والصيف السما بتبعت نار فى الأشعة
يقوم الإنسان ع الأرض يرد على حرّها
ويطشّ فى ميّة.
خدت بالك قبل كدة أن الزرع
ميّة ونار ؟
كل أكلُه ميّة ونار
يتروى ميّة ويمتص ضوء النهار
ويطلع بالممالك بدع
كل البدع دى أصلها ميّة ونار.
خدت بالك قبل كدة
أنك أنت ميّة ونار ؟
أغلب جسمك أصله ميّة
وحياتك من طاقتك
وطاقتك من الاحتراق ف رئتك
والأحتراق يعنى نار.
خدت بالك أن حياتك
أن مشاعرك
أن كلامك
دايماً يبقوا يا ميّة يا نار ؟
نار الفُرقة ، وميّة لُقى تروى بعد غياب
نار الحُرقة ، وميّة رضا تطفى بعد عذاب
نار النقد والتجريح ، وميّة حب صريح وكلام إعجاب.
خدت بالك قبل كدة
أن الميّة والنار
شفافين ؟
يا كثيف ...
أتعلم تبطّل تحتكر الضوء
بطّل أنانية بأنك تبقى أخر محطة للبصر.
خدت بالك قبل كدة
أن الدمار ع الأرض برضه يامية يانار
الطوفان مية
والفيضان والسيل والمَدّ
والبركان نار
والحريق والجفاف والقنابل والرصاص.
خدت بالك قبل كدة
أن الحرب ع الأرض
دايماً سببها يا مية يا نار
المية عشان الناس والزرع يعيشوا
والنار طاقة وبترول وحركة وحياة للآلات.
خدت بالك قبل كدة
أن الأرض كوكب ، الأرض فيه أقلية ؟
والأغلبية مَيّة بنسبة سبعين فى الميّة ؟
وأن الشمس الشداه ليها شعلة نار ؟
كل نجوم الكون ف الأصل نار من نار.
خدت بالك قبل كدة
أن الشمس والقمر
بيكلموا البحر .. بلغة النار والمية ؟
الشمس تبخر المية وتكوّن سحب
وترجعها تانى ليه
والقمر يشد الموج ويمِدّ مساحات ع الحضر
وبالجذر يلمها تانى عليه.
خدت بالك قبل كدة
أن المية والنار
حاجات بسيطة ؟
من بساطتها ماتعرفش هى إيه وليه ؟
خدت بالك قبل كدة
أن المية والنار
حاجات متوفرة متشعبة
من زلطتين .. وشمعة من شمعة .. وشعلة أوليمب تلف العالم
ومن محيط .. ونهر من بحيرة .. وبحيرة من بحر
وبحيرة وبحر من المطرة .. ووردة تشرب من على حافة قناية.
خدت بالك قبل كدة
أن المية والنار
بيمحوا بعض ؟
المية تقدر تطفى النار
والنار تقدر تجفف م المية تماماً.
خدت بالك قبل كدة
أن المية والنار
هما الحياة فى أخر سطر فى تحليلها ؟
وأن الحياة سهلة وصعبة ؟
وليها شفافية ع الأبدية لولا التلوث ؟
وأن المية والنار بيطهروا وينضفوا ؟
وإن زادوا بيغرّقوا ويحرقوا ؟
وإن عشاك وغداك حلّة مية على عين نار
وفيها أى حاجة بتستوى ؟
وأن أنت مية ونار
بتكوى و تتكوى
وتروى وترتوى?
عزيزتى بو ...
تحية طيبة وبعد ،
طيبة أزاى ؟؟ .. طيبة وكدة ... طيبة يعنى مش شريرة ..
أشمعنى طيبة ؟؟ ماعرفش هما بيقولوها كدة !
ماعلينا ... المهم ... كتبتُ إليكِ الآن لأرسل لكِ عميق حبى وتقديرى لموقفك المسجل تاريخياً فى فلم سنيمائى ذى الاسم التجارى لنسخته المدبلجة باللهجة المصرية "شركة المرعبين المحدودة" (هو إحنا ليه لما بنكتب سنيما بنكتبها بالنون ولما بنقولها بنقولها بالميم ؟؟ أنا حاسة إنى خانفة)
أتعرفين لماذا تذكرتك الآن رغم عدم مشاهدتى للفلم منذ مدة -علشان أخويا ربنا يسامحه فرمت الجهاز ولسة هادور ع الفلم تانى- ورغم كآبة الوضع حالى وإحباطه العام والعميق ؟؟ لأنى قررت أن أتخذك بطلتى السياسية ^_^
كيف بدأ الأمر ؟؟ لمّا واجهتى ما يخاف منه الجميع بلا استثناء ، بدلاً من الصراخ الهستيرى ... ضحكتِ !ولما أرادوا -من الارتباك والمفاجأة الهرب- ... تشبثتى بهم فى حب وغلاسة ، لا عن كره ومقاومة وانتقام.
تجاهلتى رهبة الموقف واستمتعتى بما حولك ... وكل ما كنتِ تحبى أن تفعليه فعلتيه ببساطة !! ... فإذا بالوحوش تخدمك !
عشتِ اللحظة كما هى بكل جمالها ، متجاهلتاً فكرة صعوبة رجوعك للمنزل .. فإذا بكِ تعودين نهاية المطاف وتقضى الليلة فى سريرك كالعادة .. بعد مغامرة رائعة وتغييرك لعالم موازى بالكامل !
لم تصادقى الكل عن سذاجة وهبل وطيابة وادعاء المحبة ... لكن أمام الفاسد ،والشرير باختياره أظهرتى مقاومة وشجاعة وخوف طبيعى ، وأنتِ كاللعبة فى إيدى آلاتهم الجهنمية ...ربما فى أول الفلم كانت غاية المُنى ، والنهاية السعيدة المتوقعة هو تدمير شركة المرعبين المحدودة تماماً ، والتخلص من رعبها الذى أقلق مضاجع الجميع ، ووقف صرخات الفزع فى كل حجرات الأطفال حول العالم.
لكن أين يتم استبدال كل هذا بالضحكات الرنّانة هذا ما لم يكن متوَقَع أبداً !! .. والفضل لكِ ...
والغريب جداً أيضاً –الغريب حدوثه والغريب أنه مقبول- أن اشكالهم لم تتغير !! ... هم وحوش بمخالب وفراء وأزرع ممصيّة وعيون موزّعة ببشاعة على أجسامهم ! ... ولكن الهدف الداخلى إذا تغير والحب إذا تغلل ... فليس أمامنا غير الوقوف زاهلين صامتين مؤْمنين مؤَمِنين.
أما الذى أربكنى وأخجلنى أكثر وأكثر وأكثر ، هو أنكِ قمتْ بكل هذا دون أن تنطقى كلمة واحدة طوال الفلم !!!!!!!!!!!!!! فقط ابتسامات وضحكات وعينان واسعتان صادقتان !!! .. أنتِ حتى لم تقومى بعمل وقفة صامتة أو جروب على الفيس أو فان بيج أو كتبت نوت أو تويتات أو تدوينات أو غرقتِ صفحتك بوستات أو شيرتى حاجات كتير ... رغم أنى لم اعرف أنه يوجد طرق غير هذه للنضال والتغيير !
من إين لكِ بهذا المبادئ السياسية العظيمة لأنضم لحزبك فوراً ، وأعلن ولائى الكامل ؟؟؟
بو لماذا تنظرين إلى هكذا ؟!؟ ... هل بدا فى خطابى مايسئ ؟؟
بو ... أنا مثلك لا أخاف الوحوش التى لاتكره ، وأحب الكورن فليكس والرقص على الأغانى ، واقدس النوم حين اشعر بالنعاس ...
فهل تقبلينى تلميذة ؟؟
ممم ... واضح أن كلامى مش واصلِك .. مش مهم خلينا فى الكورن فلكس والأغانى والنوم و الباقى دا أنا هاحاول فيه مع نفسى بمعرفتى.
ماعندكيش بقى نسخة من الفلم على فلاشاية ؟ ^_^
أرجوك لاتنظر إلىّ بشفقة ، لستُ تعيساً ولامظلوماً ولابائساً ... فقط أفعل هذا لأنه يريحنى ولأنى أريد أن أفعل هذا .. فبعد كل بضع ساعات من العمل المتواصل فى ورديّة المصنع أذهب لصنبور المياه وأغسل ذراعىّ بالصابون .. أغسلهما ببطء وأنا أغمض عينىّ واُركّز احساسى لأصل لمواضع الألم ... مواضع الجروح.
فتح وغلق المحابس والبوابات ورفع وخفض أزرع التشغيل لمكينة عملاقة كهذه يسبب كل مرة الخدوش والجروح الصغيرة ... اكتشفها باختبار الصابون هذا الذى يرسل إشارات حارقة بمواضع الألم ، فأعالجها بزيت المَكَنّ.
أكرر مرة أخرى ألاتعطف علىّ كأنى ضحية .. زيت المكن الذى أدلك به مواضع الجروح والكدمات من نوع ممتاز .. يشعرنى براحة كبيرة لمّا استخدمه .. ولم أفكر فى بديل لأنى لاأريد.
فى السابق كنت أشعر بتأنيب ضمير وأظن نفسى مختلساً ، هذا الزيت يوفره المصنع لأضعه بين آن وآخر فى مواضع احتكاك التروس –بالمكينة التى أعمل عليها- مما يمنع أو يؤخر تآكلها ، لم يُصنع أو يصرف لجروحى। ثم توصلت لفكر أقنع ضميرى ॥ ।هذف الزيت هو جعل المكينة تعمل أطول فترة ممكنة بلا تآكل فى أجزاءها ... وأنا قد توحدت مع المكينة –بسبب طول عشرتنا- وصار مصيرنا ومزاجنا مشترك ... لذا لامانع أن أداوى نفسى بدواءها كى نستمر نعمل ونعمل
***
لا أتذكر متى بدأت العمل على هذه المكينة ... كنت صبياً مراهقاً لمّا انضككت لعمال المصنع ، لم أكن غلا مساعداً تتملكه الرهبة أمام هذا الكيان المعدنى العملاق ... ثم قليلاً قليلاً أنست لها واحتوتنى ... وإذا بالوحش المعدنى الأصم بقلب أم وروح منضبطة نقية لاتعرف الخبث والخداع.
تم تجديد كل وحدات المصنع أكثر من مرة بغيرها تحركه العقول الإلكترونية الجديدة –بدلاً من الأزرع البشرية- وبخامات مستحدثة –يقولون- إنها أفضل من الصلب بكثير. وفى كل مرة كان يعرض علىّ المدير –وهو مالك المصنع فى نفس الوقت- أن يتم الاستغناء عن هذة المكينة بأخرى أحدث ، وأن أنال ترقية يُذكيها الامتنان لطول عملى وإخلاصى بالمصنع .. فأرفض. هذه المكينة هى أمى وأبنتى وحبيبتى .. ترهقنى جسدياً وذهنياً ولكنها بهذا تعلن إنها تحتاجنى واحتاجها. لم يفهم أبداً طبيعة علاقتى معها .. ولكنه احترمها على أى حال احتراماً لى بصفتى أقدم العُمال وأكثرهم تفانياً.
أن أكون أكثر البشر تفانياً فى عملى هذا ليس لصلاح فىّ ، بل لأنى لاأفعل فى حياتى شئياً إلا هذا العمل. ليست لى أسرة .. فلستُ متزوجاً ولن أتزوج ... لماذا؟ ... لأنى لاأجد إجابة على السؤال العكسى الذى هو لماذا أتزوج؟ .. لأجد شريكة أحبها وتحبنى وأنجب أولاً يحملون أسمى ؟
حسناً .. أقولها صريحة بلاخجل .. لاأعرف أن أحب أمرأة على وجه الخصوص ... أحب كل البشر .. أحب كل الأطفال ، وأخدم كل من استطيع أن أخدمه بكل طاقتى ، ولكنى لاأعرف –ولاأريد- أن تكون لى خاصتى.
مرتبى الذى بدأ ضئيلاً ونما ببطء شديد طوال هذه السنوات –كسنديانة ضخمة لاتلحظ ابداً نموها- أنفق أغلبه على أطفال الحى وأبناء أخوتى والفقراء والمحتاجين وأشعر ببهجة أعرف أنها الأعظم فى العالم ورضى يجعلانى لاأتمنى شيئاً مهما ضغطتُ على خيالى لأعتصر رغباتى الكامنة.
سأم الملحون علىّ بحججهم الأزلية أن أتزوج وأكوّن أسرة ، وكذلك الأشقياء الذين حاولوا إغرائى بالحب والهوى و وجوب أن ترافقنى أنثى لأعرف طعم الحياة كرجل. أرى حياتى كاملة وأرانى أسعد البشر هكذا كما أنا ... أنا طائر بطريق يعرف أنه ينتمى لمملكة الطيور ومع ذلك فهو لايطير وليس لديه رغبة فى الطيران ... سيستكمل حياته هكذا يستمتع بمذاق الأسماك الصغيرة التى يُحسن اصتيادها وإن بدا وضعه مزرياً لباقى الطيور الجارحة ساكنة الجبال وآكلة الفرائس الدسمة ذات الدم الحار.
شيئاً واحداً لم أشرحه لأحد لأنى أعرف أنه لا أحد سيفهمنى। ألم يغزو نفسى مع فيض الاحساس بالغبطة والرضى. مرارة تصعد لحلقى مع كل وجبة حب اصنعها وألتهمها مع آخرين ... لماذا أبكى ليالٍ كثيرة بلا سبب ؟ ن ولماذا تنتابنى نوبات خوف من مجهول لامبرر لها ؟ إذا شكيت على سبيل التنفيس أعاد السامعون نصائحهم المتهرئة عن وجوب الحياة الأسرية والصحبة الدائمة وغيرها ... ولكنى أعرف أن لآلامى أسباباً أخرى ... ماهى ؟
***
لستُ الأسعد فى العالم ... بل الأتعس. بعد طول تفكير وانشغال توصلت لسبب ألمى ومرارتى الغير مبرران. روحى مخنثة بالجروح التى يتسرب منها كل فرح ورضى. اكتشفت هذا دفعة واحدة وأنا اُجرى اختبارى اليومى لجروحى الجسدية بالصابون. كان عندى فسحة من الوقت فأغضمتُ عينى وأغلقت حواسى ومررت كل مشاعر الحب التى عندى على قلبى .. فإذا بى اكتشف جروحاً قطعيّة عميقة نازفة فى نفسى! .. حرج افتقاد ووحدة ، جرح شفقة على الذات ، جرح سأم ورتابة ن جرح عدم جدوى ، جروح وخيانات وتخليات سابقة ظننت أنى كنت قد غفرتها ، جروح اشتياقات مكبوتة ... وغيرها وغيرها.
عرفت أنى مهما ملئت فراغى الداخلى بالحب وأعماله فروحى الواسعة لاتسمح إلا بالتسرب لكل المعانى الجميلة خارجاً ... تتبخر مُحدثتاً فى خروجها ذلك الألم وتلك المرارة التى لم أكن أعرف لهما سبباً ...
أنا تعيس
***
أنا الأسعد فى العالم ... أنا الأكثر بهجة من طفل بلعبة جديدة كل يوم ... أنا الأكثر امتناناً لجروحه وضعفاته .. انتظر! .. اسمعنى أنا لستُ مختلاً .. ارجو أن تفهمنى .. حنساً سأحكى لك الموقف وأترك لك الحُكم.
كنتُ جالساً فى ورديّة صباحية أمام وحشى المعدنى الصموت شارداً ، شاعراً بكل تعاسة الدنيا تتكثف فى خلاياى وكل أرواح الملل تحلق حولى فى كل الاتجاهات .. فإذا بجرس إنذار الخطر يضرب فجأة ! ... تمالكت نفسى ونهضتُ لأبحث عن موقع الكارثة ... أنا الأقدم هنا والأوفر خبرة .. لايصح أن أهرب لأنجْ بحياتى ، بل أن اتعامل مع الخطر لأقلص الخسائر فى المادة والأرواح .. من طول خبرتى أعرف أن الخطر مصدره الرئيسى المبتدئين .. يوجد فى الوحدة التى تجاورنى مباشرتاً عامل جديد .. هل عنده المشكلة ؟
أدخل وحدة تركيب أنابيب غاز اللحام فأوقن صحة تخمينى .. صوت عامل يستغيث .. أنزغ قصيمى القطنى الذى ألبسه تحت "العفريتة" واربطه على وجهى وادخل.
اتسمر منبهراً ! ... هذا العامل الغض شك فى أن أحدى الأنابيب تعانى من تسرب فى صمامها بعد أن قام بتركيبها .. فقام بتجهيز الرغوّة المخصصة لفحص التسرب ووزعها على رأس الأنبوبة ...
وإذا فقاقيع الصابون تصعد للجو .. التسرب كبير ومن أكثر من موضع ... الفقاقيع تملأ المكان .. هل رأيت من قبل فقاقيع الصابون ؟ أما عنى فبالتأكيد رأيتها قبلاً ولكنى شعرت بحالة جعلتنى أراها لأول مرة !
كيف هى جميلة هكذا ! ... تعكس عليها الأشعة القادمة من النوافذ فإذ هى تتلألأ بألوان قوس قزح .. تتهادى برقة لأعلى .. كيف هى كاملة الاستدارة هكذا ؟؟ .. لماذا هى متباينة الأحجام هكذا ؟؟ ..كيف يدخلها الهواء ويغلق عليها من داخلها باباً فلا تميز فتحته ؟ .. مَنْ ينتج غشاءاً رقيقاً بهذا التجانس وعدم التباين فى السُمك ؟ .. ما اروع هذة الشفافية !
أسئلة كثيرة تتقافز كأصابع تلاميذ فصل أمام سؤال سهل .. ولكنها ليست سهلة ، تفصلنى بغلاف من البهجة عن الكارثة التى أنا فيها –و"فيها" وضعاً لامجاز فيه- كأنى فى أحدى هذه الفقاعات.
يتعالى صراخ العامل الشاب مولولاً ومستعطفاً وهو يضغط على أزرار الطوارئ ويحاول معالجة الوقف بلا جدوى ... أنظر إليه وابتسم ايتسامة لم ابتسمها منذ سنوات طفولتى الأولى .. أسير غليه بهدوء .. والمس فى الطريق فقاعتان بأصبعى فتزولان كحملىّ يقظة .. واحدة منهما أضطررت أن أشب على مشط قدمى لأطولها إذ كانت قد ارتفعت جداً...
وصلت إليه فسحبته من كتفيّه بعيداً .. أغلقتُ كل الصمامات فى الحجرة وفتحت كل منافذ التهوية .. فصلت الأنبوبة المعطوبة بصمامها ورفعتها على كتفى .. جريت بها من سكة الطوارئ للساحة الخلفية ... وهناك ألقيتها فى حوض الكيماويات المُعد لمثل هذة الحالات ...
كان هذا الشاب يجرى ورائى مهرولاً وعلى وجهه كل معانى الذعر ، ولمّا رأى الوضع قد استقر وزال الخطر سقط على ركبتيه منهاراً فى نوبة بكاء هستيرية.
وجدتنى أنا أيضاً ابكى ! ... أبكى من الفرح .. استشعرت دموعى كالرزاز الخفيف الناتج عن انفجار فقاعة الصابون ... أشعر بانتعاش واندهاش .. اقف أمام الشاب المنهار وارفعه من كتفيه ليقف ... احتضنه بقوة ليكمل بكاءُه وأنا اربت على ظهره.
لماذا مواطن الألم فى روحى مأساة ؟؟ .. إنها نفسها مولّدة البهجة .. من كل جرح تخرج فقاقيع ملآنة بالحب .. وكل حب ينتج نوع الحب الخاص به ... فافتقادى للأبوة ينتج عنه عطف على كل الأطفال اليتامى أو حتى ذوى الآباء.
ونمط حياتى الرتيب الهادئ ينتج عنه خدمات مجنونة مضنية لايقوم بها إلا متطوع بصفاتى ..
كل الم مررت به أصبح خط انتاج لمضادات وموانع لنفس نوع الألم .. استطيع أن أسمع مهموماً يشكو لساعات متصلة باهتمام وانباه حقيقى لأنى أعرف ألم أن تشكو لمهموم مشغول ... لا أتطوّع بتقديم الحلول للبشر من حولى لأنى أعرف أنهم ليسوا معدومى النصائح بل مفتقرى آذان صاغية ...
تتداعى إلى نفسى أشياء كثيرة أفعلها بتفرد ، لم أكن لأفعلها لو لم أكن مُجرَباً ومُجَرِباً وجامعاً لكل هذه النتؤ فى قلبى ... ربما لو كنت محصناً مترفعاً عن التجارب لظل قلبى أصمّ عطناً لا منافذ فيه .. لدخول مايملأه ، أو الخروج للمشاركة ... الآن تشرى منه وغليه الحياة.
أبعد العامل عنى بطول ذراعى وربتُ على وجنته بحنان ابوى ... "لاتخف .. كلنا تعرضنا فى أول احتكاكنا بالعمل لهذه المصاعب .. وأنت تعاملت مع الموقف بطريقة مثالية –ستكافأ عليها- باكتشافك العطب وضرب جرس الطوارئ فى الوقت المناسب ... والآن عد إلى عملك حتى لاتعطل أكثر ولك منى تذكية عند المدير".
أضربه برفق على كتفيه ليذهب فيفاجأنى بقبلة على يدى وهو يقفز من السعادة ولاينظر رد فعلى بل يذهب مسرعاً. أقف وكلى عجب من اختبار الصابون هذا الذى تعامل مع جسدى ونفسى مرات ... وكشف لى أبعاداً فلسفية وروحية لم يكنْ لأرقى الحكماء والعلماء أن يعرفوها !.
لما عملت المدونة كان هدفى بس أنى أعلق عند الناس التانيين
ماكنتش بنزل بوستات ، ولما كنت بنزّل ماكنش بيبقى عندى تعليقات
الناس التانيين دولن بقى كلهم ماعرفهومش غير باسماءهم التدوينية
وكل شوية أصلاً أسمع عن القبض على المدون فلان واختفاء علان
اللى كان بيخلينى انبهر بالمجتمع التدوينى دا .........
حاجات كتير الصراحة ^_^ كتير قوى ...
كنت بسمع أنهم –قال- بيتقابلوا وبيعملوا فاتعليات زى التبرع بالدم مثلا وغيرها
بس كان بالنسبالى كأنى بسمع عن لقاءات فى كوكب زحل ...
لحظة الإشراق بالنسبة لى كانت معرض الكتاب !
(واللى ودانى معرض الكتاب ككاتبة أصلا المجتمع التدوينى برضه ودى قصة تانية)
كان أول مرة أشوف كان كتير على أرض الواقع كنت فاكراهم زى شخصيات الكارتون كدة ليهم كيان أفتراضى بس زى فريق بيدابول ^_^
بصراحة بصراحة كلهمممممممم ماكنوش زى ماكانوا فى خيالى ...
كنت متخيلاهم أصلا كلهم لابسين أبيض فى ابيض وبيتماهوا فوق الأرض –مش بيمشوا- وهما على ارتفاع لايقل عن 20 سم مع هالات مضيئة حوالين إيديهم ووشوشهم ...
بس طلعوا متنكرين بشكل متقن جدا جدا !!
كل واحد يستحق يتكتب عنه مجلد ...
بس الشخصية اللى عايزة أشكرها النهاردة هى ..
"وفااااااااااااااااااااء"
رحبوا معايا بالنجمة ^_^
وفاء علاقيتى بيها –إلكترونياً- كانت عكس أغلب المدوناااااات المدونــ(ات) ها ؟ :)
كانت عكسيا من الفيس للمدونة مش العكس ، مع أنى كنت متابعو مدونتها من زمان من غير ماأعرفها .. (البركة فى فتيما اللى عاملة طابورين .. طابور حريم وطاربور مش حريم) ^_^
مش هاقول بقى عسولة ولذوذة وكلام البنات الخنيق دا ...
بس كفاية أنها بطعم فريد ، وروحنا جت على بعض ..
إيه بقى موضوع شكرا الليلة دى ؟؟
اللى ماتبعين المدونة لايخفى عليهم إنها زى الخرابة اللى أدوها لسمكرى علشان يأيفها ...
ودا اخرى بقى الصراحة !! بس ... هه !
دايما –رغم محاولاتى المضنية- كانت بتبقى فى تعليقات بتطالب بذوق أو دبشاً أنى أغير التصميم ، أوسع العمواميد أركب سراميك .. حاجات غريبة كدة !
وكان دايما ردى الصراحة يقتصر على مصمصة الشفايف : يارتنى كنت أعرف ياالدلعدى .. العين بصيرة ، والقدرات كدة !
أخر هذة المنشدات كان فى نفس اليوم اللى وفاء فى بعتت دى !
"بصى بقى وده تهديد يتسألي وتعرفي تنسقى مدونتك بحيث انها تريح العين ياما تدينى الباس وورد اظبطهالك وبعدين حضرتك زى الشاطرة تغيرى الباس وورد
حرام المحتوى الجميل بتاعك ده يبوظه التنسيق بتاع المدونة
هه انا حذرتك اهو"
بصراحة أتفاجأت !
مش إنها أعترضت على تنظيم المدونة الفظيع الشنيع ...
لكن لأنها أول واحدة لاتكتفى بالمئـلسة وتعرض المساعدة .. إيه اللى جابرها أصلا ع الغلب دا ؟؟
بعد كدة كان فى بينا حوار طويل تزامن مع أنى ماكنش عندى كى بورد والماوس جاله جنون فيران .. فكنت بكتب بالشفرة !
المهم إنها بصبر منقطع النظير وَصَلِت المدونة لما هى عليه الآن ! ...
وأظن المدونة تتحدث عن نفسها ، وشغل وفاء فيها ...
أنسوا بقى موضوع المدونة خالص ...
نستوه ؟؟
لأ انسوه بجد ...
إيه بقى اللى مفرحنى ؟؟
أيوة هو دا ^_^
احساس رائع لما تحس أن فى حد بيهتم بيك وبحاجاتك حتى لو أنت مش مهتم بيها ...
وحاجة زى دى :
"ربنا يخليكي يا حبيبتى يا رب، انت فعلا اختى الصغيرة الطعمة اللى بموت فيها وده كان شعورى معاكي اول ما شوفتك فى حفلة التوقيع وبفرح لما بتكتبى حاجة حلوة قوى.. ربنا يزيدك علم وتقدم واهم حاجة يفرح قلبك يا كوكي
عموماً انا كدة ظبط اهم حاجات فى المدونة فى اى وقت عايزة تضيفى شىء تعدلى شىء انا معك ، مش بتضيقينى ولا بتضغطي على خالص انا ببقى مبسوطة وانا بعمل ده
اتفقنا؟"
بالدنيا كلها عندى ...
فلتذهب المدونة والقصص والفيس وكل حاجة إلى الأبد ،
وليبقى الحب الصادق المنزه عن أى حاجة حباً إلهياً أبدياً ...