الاثنين، 22 أغسطس 2011

سوبر ماركت ...



تحمله أمه على كتفها وتسير به أمامى فى الممر بين أرفف "السوبر ماركت" ... تمر بعينيها على اسماء العبوات تبحث عن ضالتها ، يبكى ويشير بكلتا يديه لأحدى عبوات.

ظننت فى البداية أنه عصيره المفضل ، ثم وجدت حماسته وثورته تنتقلان من عبوة إلى أخرى مع تقدم أمه فى خطواتها . كل مرة يختار لون وحجم ونوع يختلف عن سابقه.

لم تلتفت إليه كأنها لاتراه ولا تسمعه ... كأنها تحمل دُمية صماء لاتجتذب انتباهها ... ترفع عبوات الحليب وتديرها لتنظر إلى تاريخ الانتاج ثم تعيدها إلى الرفّ فى هدوء.

سارت لأخِر الممر حتى اختارت واحدة وضعتها فى السلة المعلقة على زراعها الذى يحمله ، بينما لم يتوقف هو عن نوبات احتجاجه المتنقّلة بين مطلب وآخر فى سرعة وتباين.

تبتعد عن الأرفف وتتجه للخزينة .. تضع السلة أمام البائع ، ترفع حقيبة يدها الصغيرة ، تنقد البائع ثمن العبوة ، يعطيها العلبة فى كيس بلاستيكى رقيق اليدين ، فترفع الكيس لتحتضنه بذراعها الأخرى كأنه طفلاً آخر .. يحتضن الطفل الكيس كأخٍ فى مثل سِنُه ويبتسم ، تعبر به الباب فى اتجاه الشارع ...

أنظر فى سلتى ... أشكال وألوان من الحلوى والمشروبات الغازية وعلب الوجبات السريعة التحضير ، الهائلة السعرات ، الغريبة الإضافات ، الجزيلة المُكسِبات للطعم والرائحة. أبتسم ... أتخيل لو أنى مكان الطفل مازلت قاصرة ، ومازالت هناك روحاً رقابيّة تمنعنى من أن اُسقط فى سلتى كل ما أشتهيه ، أو روحاً وصائية تعطينى فقط ما احتاج إليه أو ما هو نافع لى.

أشرد للحظة أرى فيها على الأرفف بدلاً من البضائع أمنيات ملونة ... تلك رغبات نجاح وهذه للحب ، وهناك المال والصحة والسعادة والرفاهية والمعرفة و ..... أنظر لسلتى فأجدنى قد حزت بعضاً منها ومازلت أشتهى المزيد ، أفكر ... كم تكلفة هذة الأشياء الصغيرة المكررة الغير مهمة ؟؟ أى ثمن باهظ سأدفعه من حياتى وعقلى وقلبى و .... ؟

أتذكر كم من "مغص معنوى" ألمّ بى ، و "تسمم فكرى و "هبوط روحى" من جراء ما استلذّه واسعى إليه بشهية ، فيتركنى من بعد نشوة لحظات لمعاناة وهزال وألم و مرارة ...

أستفيق من شرودى ... أُعِيد النظر للسلة ثم ......... أُعِيد محتوياتها للأرفف بسرعة وعصبية ، أسحب علبة حليب ، أنظر لتاريخ الإنتاج ثم أقلبها لأنظر مقدار الدسم والبروتين و الكالسيوم وباقى المكونات ، أبدّل واحدة بأخرى ثم بأخرى حتى أختار واحدة ، أتجه للخزينة ، يلقى البائع بمزحة صغيرة يتعجب فيها من طلبى الجديد الوحيد ، أرد بابتسامة فخورة تخفى سِرّ كبير ، أخذ منه الكيس الصغير الذى يحوى كنزى ، أتذكر أنى كنت لا أحب طعم الحليب وأنا صغيرة وأن أمى كانت تضيف كل مرة فاكهة أو كاكاو أو سكر فى محاولات ترغيب مستميتة ... ولكنى اليوم سأشربه كما هو. أضم الكيس لصدرى وأخرج للشارع وأنا أمتن لمصمم الأكياس الصغيرة الذى جعل اليدين رقيقتين –عن سهوٍ بالتأكيد- مما يجبر على احتضان ما أردته.

21-8-11

الثلاثاء، 2 أغسطس 2011

من أمتع ماقرأت : رواية "الصلوات تبقى واحدة"


+

من أروع وأمتع مايمكن أن يقرأ إنسان ... أو بمعنى أدق إنسانة بقى

;)

الرواية التركية : الصلوات تبقى واحدة

للأديب الشاب التركى : تونا كيرميتيشى

إصدار : دار الشروق – دار العربى للنشر والتوزيع

ورغم أن اللى كاتبها راجل ملو هدومه ... بس أعتقد أنها ممكن تُصنف تحت الأدب النسائى "الفيمينيست" ، لأن الرواية مكتوبة بأسلوب جديد غريب !

الرواية كلها عبارة عن حوار متقطع بين سيدتين ، أو فتاة شابة وأمرأة عجوز ... مافيهاش أحداث ولا تفاصيل ..... فقط حوار !!

رواية حديثة ... زمن الحوار الوقت الحاضر مع "فلاش باك" بعمر إمرأة معمرةتقترب من المائة عام .

حالة عميييييييييييييييييقمة من التناقض بين شخصيتين وزمنين وجيلين ومكانين وفنين وعلقيتين وحاجات كتير ...

واقعية إلى درجة تقترب من السرد التاريخى ، ووجدانية لحد يجعلها رواية فلسفية.

أنا مش ناقدة .... فهنقل منها شوية جمل من غير تعليق كانوا بيلمعوا وسط الكلام ، مش موافقة على كل الجمل اللى هانقلها ... بس معجبة إلى حد مش قاهدر أعبر عنه.

-كنا نتحدث عن الجرائد ... كنت تقولين أنك لاتقرأين الجرائد.

-لا .. أنا لاأقرأها . أرى أن الصحفيين يعتقدون أنه كلما كانت الأخبار سيئة ، فإن الجرا ستبيع أكثر. وأنا فى الحقيقة لا أريد أن أدفع نقود كى أزعج نفسى بمشاكل العالم. لدى مايكفينى من مشكلات.

***

-أكره كتابة اليوميات.

-هذا مؤثر. لكن لماذا ؟

-تكتبين شيئاً تعتقدين أنه شائق، لكن عندما تقرأينه بعد عام تشعرين أنه غبى للغاية. تشعرين بالخزى من نفسك. بالإضافة إلى أن وجود كتابات عن الفرد ليس من الحكمة فى شئ، أليس كذلك ؟

-حسناً، أنا أوافقك فى هذا.

-عندما تكتبين يومياتك، ستنتاب جميع الناس والأصدقاء والأقارب وغيرهم رغبة فى قراءة ماكتبتى. والأسوأ أنه بغض النظر عن محاولات إخفاء يومياتك ، فدائماً ماسيكتشفونها ويقرؤنها. وحينها تكونين فى ورطة كبيرة.

***

-آنستى أنت من إسطنبول. وهذه مدينة أوروبية هادئة للغاية ، منمقة للغاية ، وبلاروح بالنسبة لشخص من إسطنبول. إنها متحضرة بشكل زائد...

***

بالنسبة لى فإن الصدق هو الأهم عزيزتى بيلين. لدى موهبة فى التفريق بين الزائف والصادق. ربما أشعر بالملل من كل هؤلاء المتأنقين فارغى العقول الذين حاولوا أن يبدوا مثل جونى ويسمولر.

***

كنت أشعر بالاطمئنان حقاً وأنا بجانبه. كنت أشعر وكأن السكينة تتدفق إلى من روحه. عندما كنت معه ، كنت أشعر أنه لايوجد بالعالم مايحتاج التحسين وأن كل شئ مثالى وفى موضعه الصحيح.

***

-كان ألدو يقرأ لى قصيدة كل صباح. أخبرينى مالذى يمكن لفتاة أن تفعله حين يتلو لها شخص ماشعر ريلكه كل صباح ؟

-إذا كنت تسألينى عن فتيات اليوم، فقد يتثاءبن على سبيل المثال.

-صدقينى لم يكن الأمر مختلفاً جداً وقتها. أعتقد أن هذا هو السبب الذى جعله يحب قضاء الوقت معى.

***

-عزيزتى بيلين، ربما سر الحياة لايكمن فى الطريقة التى نعيش بها، لكن فى الطريقة التى نحكى بها عن حياتنا. هناك الكثير من الحيوات التى لايوجد فيها مايؤرقها، لكنها تتحول إلى قصة رائعة من خلال موهبة الحاكى.

***

-أعتقد أن الحب هو مجرد طريق مختصر من أجل الوصول إلى الجنس بأسرع مايمكن. من أجل أن تباع المزيد من الألبومات وكى يذهب المزيد من الناس إلى السينما. ونحن جميعاً نشتريه مثل الحمقى لأنهم يقنعوننا فعلاً بأنه حققى. وقد خدم الكُتّاب والشعراء هذا الهدف لآلاف السنين. فى الحقيقة يدرك الناس أن خدعة رخيصة تُحاك عليهم، لكنهم غير قادرين على الاعتراف بذلك لأنفسهم. إن هذه الطبيعة الضعيفة للجنس البشرى تقودنى للجنون.

***

-ماذا عن برامز ؟

-أرى أنك أحببت موسيقاه.

-"أحببت" .. كلمة أقل مماحدث. يمكن للمرء أن ينطلق وأن يؤمن بالرب فقط بسبب هذه الموسيقى.

-حسناً ... إضافة غلى كلامك، فالتلمود يقول إن "الموسيقى صلاة"...

***

-حتى مع اختلاف الديانات تبقى الصلوات واحدة يا آنستى. فلا يوجد فرق بين الدعوات الموجهة لبوذا والدعوات الموجهة لله ... اللهفة والآمال ، والمخاوف ... كلها متشابهة .. ذات مرة قال شاعر من القدس: "تختلف الآلهة ، لكن تظل الصلوات واحدة".

-بيت لطيف

-لهذا ، فقبل أن تدينى أحداً، ينبغى أن تسمعى إلى صلواته بحرص. عندها فقط يمكنك معرفة هذا الشخص, الشئ نفسه ينطبق على أمك.

***

لكن إذا كانت آلة الزمن سوف تخترع فى المستقبل، ألا يعنى هذا أنها موجودة بالفعل الآن؟ حسناً، إن اسمها يحيب عن هذا: آلة الزمن ... أتعلمين ما الذى يخيفنى؟ أتساءل إن كان الجنس البشرى سيستمر مايكفى من الوقت حتى يخترعها. أعنى، أنه طالما لم يأت أحد من المستقبل إلى الآن، فإما أنهم لم يخترعوها، أو أن الجنس البشرى هلك قبل أن يخترع تلك الآلة. ياله من شئ فظيع ... أليس كذلك؟

***

-وماهى الحياة الواقعية فى رأيك يابيلين ؟

-الحياة الواقعية هى الحياة الواقعية. حياة لانراها فى الأفلام ولانقرا عنها فى الروايات الرومانسية الحمقاء.

-قد يكون هذا هو الحال فى بعض الأفلام وبعض الروايات، لكن صدقينى الحياة معجزة فى حد ذاتها. هناك خبرات نمر بها تسبب لنا الألم والحزن، لكن هذا لاينفى كونها معجزات. إذا لم تؤمنى بهذا فلن يمكنك بسهولة أن تجدى الطريق إلى قلبك.

***

-آنستى، ربما لاتحترمين الحب، لكنه شعور لايستحق الأزدراء. أعرف نساء تحملنتعذيب النازيين لهن ، لأنهن لم يردن أن يخبرن عن رجال كنن يحببنهم. رأيت رجالاً ضحوا بأنفسهم وأنتهى بهم الحال فى أوسكوتيس أو تريبلينكا كى تستطيع حبيباتهم أن يعبرن الحدود ويهربن. تحدثت إلى نساء جرين إلى الخنادق أثناء حصار لنينجراد كى يكن إلى جانب من يحببن. لقد شهدت عيناى العجوزتان أغلب أوجه الحب النبيلة التى تسخرين منها. وبالتالى فمن الصعب جدا علىّ أن أفهم كلماتك. من فضلك ألتمسى لى الأعذار بهذا الشأن.

***

-إن حياة كل فرد فريدة من نوعها يا آنستى. سواء كان سبب الوجع فيها أدولف هتلر أو أمّ ..... فنحن نتألم من جروحنا إلى الأبد.

***

-وماذا الآن؟ ها نجلس وننتحب على حياتنا؟ هل تعرفين أن لعب دور الضحية لايناسبك حقاً؟ أنت تعيشين سنين عمرك الذهبية ياآنستى. لديك أغلى شئ فى الكون ... شبابك. لو أن لدى خصلة جيدة، فهى أننى لم أقبل أبداً القيام بدور الضحية.

***

كنت أفكر فى كيفية أكمال الرحلة التى تمتد لساعة ونصف دون أن نختلف. قال محدقاً فى الأفق بعينيه الخضرواتين الآسرتين "رينجين فتاة طيبة". ثم أضاف: "لكن عقلها تشكل بطريقة خاطئة. وهذا هو السبب الذى جعلها لاتعرف ماذا تريد من الحياة. إنها تريد أن تكون كل شئ وأن يكون لها كل شئ. وعندما ريحدث هذا تشعر بالأذى".

قلت: "لكنها تحبك". وضغطت على كلماتى للتأكيد.

قال: "هذا محتمل". "وأنا أحبك بكل ذرة من تكوينى".

قلت:"مستحيل. أنت حتى لاتعرفنى"

فرفع صوته وقال:"إن الشعور الذى بداخلى تقويه الاستحالة".

-مدام روزيلا. أريد أن أصرخ !

-ربما تجدين الأمر غريباً يا آنستى، لكن فى هذه الأيام كان الشعراء يقولون مثل هذه الأشياء للنساء اللاتى يحبون ... بالأضافة إلى أن أياً منا لم ير هذا مضحكاً.

-حسناً، يبدو أنك تدافعين عن إينيفر ريجان.

-أنا أدافع عن ذكرياتى ياآنستى ... أنا أحترم ذكرياتى وأتوقع من الآخرين أن يحترموها أيضاً ... لأنى دفعت ثمن وجودها فى حياتى ... ثمن أغلى من اللازم.

***

حدق فى عينى وقال: "كل الأشياء غير مؤكدة. هذا الكون هو مجموعة من الأشياء الغير اليقينية لرب غير معروف ... يبدو أن علينا أن ننتظر قراره كى ننتهى من الوجود..."

-هل هذه القصيدة عكف على كتابتها فى هذه اللحظة؟

-ربما ... فى الحقيقة لم أكن قادرة على فهم ما إذا كانت هذه الكلمات موجهة إلى أم إلى شخص كان يتخيله ... لكننى كنت أمرأة شابة لديها من الأخلاق الحميدة مايمنعها من أن تسأل شاعراً عن قصده.

***

ربما أزين المشاهد بجمل وأوصاف إضافية. ربما فكرت فى هذه المشاهد خلال حياتى كثيراً وبالتالى فمع مرور الزمن تحولت إلى سيناريو ثابت. ماسمعتيه هى جمل وصفية فقدت أصالتها بسبب إعادة كتابتها فى عقل سيدة عجوز.

***

-ربما فى يوم عندما تكونين فى سنى، ستقفز خارج أعماق ذاكرتكالكثير من الذكريات التى كنت تظنين أنك قد نسيتيها وستكسر السطح مثل سمكة ميتة لن تغزو عقلك أوصاف فقط، بل أصوات و روائح أيضاً. هل تعرفين السبب.

-لا. لِمَ؟

-لأن المستقبل لن يكون أمامك بعدها. ولأن ماضيك فات وانتهى، فستكونين فى وسط اللحظة الراهنة ومحاطة بظلال شاحبة تنتظر أن تعيدى صياغتها.

***

-ستدركين بفزع أنك تعيشين فى عوالم الآخرين. فلن يكون هناك رجل أو أمرأة أو قطة أو كلب أو طفل تعرفينه من الماضى وبقى على قيد الحياة... وأنا أؤكد لك ياشابتى أن الحياة فى عمر غريب أسوأ من الحياة فى بلد غريبة. حتى لو تم إقصاؤك إلى بلد أجنبية، فإنك سوف تعيشين على أمل العودة فى يوم إلى موطنك. مع هذا، فإذا لم يتم أختراع آلة الزمن، فمن المستحيل أن تهربى من العمر الغريب ستشعرين بالاشتياق إلى الوطن بدرجة لايمكن التلطيف منها...

-أنا أتفهم هذا..

-لا أعتقد ذلك...

-مدام روزيلا، أنا أتفهم!

-طفلتى العزيزة، هذا ليس شيئاً تستطيعين استيعابه بعقلك. فلن يمكنك فهم هذا إلا بقلبك... ومهما كانت نواياك طيبة فمن المستحيل أن تضعى نفسك مكانى...

***

فى يوم من الأيام حين تكونين فى مثل سنى، ستدركين أنك تعيشين فى عالم الآخرين، وستودين لو تعيدى فى ذاكرتك بناء عالمك الذى تنتمين إليه. وستحتاجين إلى أداتين أو ثلاث كى تدركى هذا: ذاكرة ضعيفة، وخيالك، والوقت الحاضر اللعين الذى ستخلطين فيه المقومتين الأوليين.

***

لا أحب مارى عندما أشاهد نفسى بعيون الآخرين

-أعتقد أن هذه هى المشكلة على وجه التحديد.

-ماذا؟

-أنت تفكرين كثيراً فى رأى الآخرين .. وهذا مرض مرتبط بالسن الصغير.

-ومثل هذه لجمل تقضى علىّ تماماً!

***

-قال أنى فى فترة حساسة من حياتى، وإنه يخاف أن آخذ قراراً خطأ إلى غير هذا...

-آنستى، لماذا لاتصدقين أنه يحبك حقاً؟

-أنا أعتقد فى هذا يامدام روزيلا.. لكن مايضايقنى هى الطريقة التى يظهر بها حبه.

***

أنا كبيرة بما يكفى لأن أعرف أنه لايوجد من يستطيع إقناع آخر فى هذه الحياة. كل ما أستطيعه هو أن أجعلك تنظرين للمسألة من منظور آخر.

***

-فى تلك الأيام، كنت أذهب هناك كلما شعرت بالملل أو الحزن. كما تعرفين، فينبغى عليك أن تتسلقى تلاً منحدراً كى تصلى إلى الكنيسة. لست خبيرة فى معتقدات المسيحيين الأرثوذكس، لكن ما أعرفه أن تسلق التل يرمز إلى معاناة النساك. فى النهاية، عندما تصلين إلى هناك، توقدن شمعة وتصلين بغض النظر عن ديانتك. قد يكتب بعض الناس صلواتهم على أوراق صغيرة ويتروكونها فى الكنيسة. هل تعرفين ما أكثر الأشياء إثارة فى هذا ؟

-أن جميع الدعوات واحدة ؟

-برافو آنستى! الدعوات دائماً واحدة. يصلى الناس الذين لديهم معتقدات دينية مختلفة فى الكنيسة على هذه الجزيرة اليهودية، لكنهم يطلبون من الرب نفس الأشياء: ربى امنحنى صحة وبنياناً جيداً ... امنحنى زيجة صالحة ... امنحنى أبناء صالحين ... لاتدعنى أشعر بالخزى تجاه أسرتى ... اجعل عملى يسير على مايُرام ... أما الأفراد الأقل أنانية والأكثر محبة للغير فهم يدعون للبشر أن يصبحوا أخوات وأخوة ويدعون بانتهاء الحروب...

***

أعتقد أن أى شئ له قصة يكون جميلاً.

***

-قالت أنها حاولت بجد أن تكرهنى. فألدو هو أخوها العزيز رغم كل شئ. لكن إعجابها بى وبإينيفر منعها من مثل هذه المشاعر السلبية، لكن رغم كل شئ فقد كانت منزعجة.

-لأنها لم تستطع ن تكرهك؟

-نعم ... لقد آلمها هذا كثيراً.

***

-تعرفين ياآنستى أن لكل خبرة فى هذه الحياة فائدة.. فكل شئ نمر به يعلمنا شيء. ويمكننى أن أقول إن هذا الشيء الذى يدعى حياة يحاول أن يتواصل معنا بشكل دائم. ويتوقع منا أن ندرك الرسالة المرجوة من كل شيء يضعه فى طريقنا.

***

-ربما تخبرنى هذه الخبرة بأن أهدأ وأسترخى. مارأيك؟

-لا أعرف...

-أو ربما تقول: "توقفى عن المحاولة أيتها الفتاة! مقدر لك أن تعيشى هذه الحياة وحيدة..."

-لا أعتقد ذلك...

-ولِمَ لا ؟

-لو كانت هذه هى الرسالة لما منحتك الحياة كل هذا القدر من الجمال.

-ها أنت تجاميلينى ثانية.

-لا، أنا جادة فى هذا. إلى جانب أننى لو كان علىّ أن أخمن فسوف أقول لك أن الحياة تخبرك بأن سعادتك ليست بعيدة عنك....

-أممم...

-ربما تخبرك بأن تتوقفى عن إرهاق نفسك فى البحث عن السعادة، وأن تسمحى لها بأن تجدك...

***

-لن تستطيعى تصور هذا بخيالك فقط ياآنستى... وهذا فى الحقيقة ما أردت أن أقوله. إن المرء يكتشف قدارته وأوجه قصوره حينما يقع فى الحب أو حين يكسب عيشه. بهذه الطريقة تكتشفين كيانك. وكما ترين فلم يكن بإمكانى أن أتصور هذا بينما كنت أعيش مثل أميرة فى جرس زجاجى وفرته لى أسرتى فى برلين.

***

يمكننا القول إن الاستماع إلى جسدك وملاحظتهأثناء الوقت الذى تسلتقين فيه وتنتظرين النوم كى يأتيك مرة أخرى بعدما استيقظت هو أمر شائق. كان ألدو يقول جملة مدهشة: "إذا ما استطعت أن تشعر بوجود عضو فى جسدك، فهذا يعنى أن هذا العضو مريض".

***

تكبت الكلمات الصمت القابع داخلنا. حتى أكثر الآلام حدة تهدأ عندما يتم التعبير عنها بالكلمات. يقول الحاخام هاما إن مَلكَة الكلام، وهى نعمة من الرب، تساوى فى أهميتها خلق الكون.

***

لو ن هناك شيئاً أكرهه أكثر من صديقاتى أبى فسيكون رؤية رجل يقرض أظافره.

***

-إن الفرد يتعلم كثيراً من دموع الكبار ياطفلتى العزيزة... سواء كانت هذه الدموع من أبيك أو من شاعر عظيم.

***

-التنس أيضاً محادثة يا آنستى... وكلما أعاد لك خصمك الكرة بشكل أفضل، أصبحت أكثر قدرة على ضربها... وإذا لم يكن خصمك ماهراً، فلايهم إن كنت لاعبة ماهرة أم لا. فالمباراة ستكون مباراة فظيعة.

***

وتوقع المزيد من الحياة يُعتبر طموحاً زائداً. ولاينبغى على المرء أن يتشبث بالحياة بطموح زائد...

***

العزلة هى العزلة فى كل مكان ياعزيزتى. وبالمثل، فأينما نكون تكون صلواتنا واحدة.

***

كما ترين فالأمومة والأبوة يغرسان ألماً لامتناهياً فى قلب الواحد منا...

***

سوف تمشيان إلى جانب بعضكما البعض نحو نهاية الشارع الذى يضيق كلما اقترب الأفق.عندما تتتحولان إلى ظلين صغيرين فى نهاية الطريق، سترتقع الكاميرا ببطء وستظهر قائمة المشاركين فى الفلم على خلفية زرقاء ربيعية...

وسأكون أنا ياطفلتى الجميلة جالسة على أفضل كرسى أشاهد كل شىء. وعندما تبدأ أمطار الخريف ربما أعود إليكما فى شكل قطرة مطر. وبرودة خفيفة على خديكما...

ربما سيكون بإمكاننا أن نتحدث مرة أخرة بعدها، لو لم ترتعدى وتخافى.