الأربعاء، 31 أكتوبر 2018

أستاذ أبراهيم رزق في ذمة الله !


مش عارفة أنا بكتب ليه؟ ولا بكتب إيه؟ بس مش  ! قادرة أنام من الخبر !!
  ..أنا جوايا أفكار وتشويش كبير
ربنا يرحمك ياأستاذ أبراهيم رحمة واسعة
ويصبر ولادك ومراتك
الموضوع صعب قوي!

***
طول الوقت كنت بحس إني ماينطبقش علي الكلام بتاع "قولوا للي بتحبوهم أنكم بتحبوهم قبل فوات الأوان .." والكلام دا، لأني كنت بتعبر نفسي بعبر عن مشاعري لكل الناس، حتي اللي م بيعبرولي.
مؤخرًا كنت بفكر كمان أقل اجتمعياتي، و"دلقتي" وأحد اصدقائي. بس أول ماسمعت الخبر وصعقت لما أتأكدت منه حسيت قد إيه أنا وحشة وندلة .. وحشة مع حد مافوتش عيد من غير مايكملني مكالمة مخصوص، ويحكي كتير ويعيد .. وأنا اخر عيدين ماكلمتوش ولا حتي عيدت بأي طريقة، كتير كان بيكتب أنه تعبان أو متضايق وأنا مش بسأل، مع انه دايما كان بيهتم وسأل ويعلق، وعارفة أنه مش أنا لوحدي اللي كان معايا كدة. هو كان شهم وجدع وصاحب واجب وزيادة مع الكل.
***
بفكر في الموت !!! ازاي كدة !!!
أنا خفت بجد !! دا مافيش فعلا طرفة عين
***
أنا عارفة أن ناس كتير هاترثيه كما يستحق، بس فعلا وردة لحي أحسن من بوكيه علي قبر.

هادعيله كتير .. دي الحاجة اللي بفكر أعملها بس !

الصورة الجماعية من يوم الاحتفال مع فاتيما بعودة يوسف .. وكالعادة هو اللي كان متزعم اليوم، وفضل متابعني بالتليفون لحد ما وصلت من المنيا ودخلت الاوبرا، وبالراجع، كان مهتم بي جدًا رغم الناس الكتير ، ورغم انه كان مهتم بكذا حاجة .. بس حسسني انه والدي أو أخويا الكبير المهتم بي.

***

أنا أول مرة اكتب في المدونة علي طول مش برة وأنقل .. بس حاسة أن المكان دا هو مكان التعارف
واللي ياما شجعني فيه ومن أنا صغيرة ..

***

أنا حزينة .. حزينة 
ربنا يرحمك ياأستاذ أبراهيم


الثلاثاء، 1 مايو 2018

حنان البلاطات السيراميكية




     يبقي الحمام هو الملاذ الآمن في كل مكان في العالم! .. ربما بحكم كونه المكان 
الوحيد الذي لايطلب تبريرًا أو تنويهًا لكونك تريد أن تكون وحيد، وتغلق الباب فلاتلصص.
    
لو لم أكن قد هربت إلي الحمام، لكنت الآن أعاني أنهيارًا حقيقًا. الكثير من المعلومات .. الكثير من المجادلات، الكثير من الأصوات والشرائح المضيئة علي الشاشة البيضاء ولوحات شرح  ومداخلات .. والكثير من التقلصات في رحمي، ودفقات الدم الساخن بين فخذي، ودبابيس ساخنة تصعد من رحمي لصدري لذراعي ورأسي فتصلبني علي 
صليب وهمي.
   
  أهرع في وقت "البريك" للحمام .. مع ابتسامة صفراء لكل من يريد أن يستوقفني، ليحدثني جانبيًا ليربحني لوجهة نظره .. "التويلت بليز" ..

   أجلس بكامل ملابسي الرسمية علي المرحاض .. أهدئ من روعي .. أسند رأسي علي الحائط المجاور. يلامس خدي وصدغي الجانبي البلاطات السيراميكية الباردة فيرتعش جسدي بقشعريرة وتسيل دموعي. جرعة حنان غريبة تدفقت إليّ من الحائط إلي جسدي!
   
رحمي يُشعل جسدي بحريق الهرمونات، فيصعد الدخان الأسود إلي رأسي فيعمي عينيّ، ويصم أذناي .. أنظر للزملاء واللوحات والرسومات فلا أري أو أسمع شيئًا .. تأتي كلمة "بريك" فتصتادني كسمكة من البحر الأسود الذي أنا غارقة فيه.
  
  الحائط البارد يحنو علي روحي وجسدي .. يرسل أمطارًا باردة ترطب حرارتي. أنزع حذائي ذو الكعب الدبوسي وأترك قدمي بالجورب الخفيف تنام في استرخاء علي البلاطات الباردة هي الأخري. أضغط علي زر جهاز التعطير فتخرج منه رائحة تُرخي جسدي أكثر فاكثر.
  
   لم أكن احتاج إلا إلي ذلك الحضن البارد. لماذا يصفون في الروايات العاطفية الأحضان وقبلات الحب بالــ"قبلات الساخنة الملتهبة" ؟؟ هل كل الروايات تُكتَبُ في الشتاء؟ حتي لو ..، أجساد النساء ساخنة معظم الوقت تحت تأثير اضطرابتهن الهرمونية، وتثقل دهونهن الكثيرة التي يحرقنها طوال الوقت علي خلاف الثقل العضلي الغالب للرجال.
  
   كثيرًا ماتنيت حضنًا باردًا من زوجي! .. بل إني عندما يفيض بي الكيل واُحبط تمامًا من ضغط العمل -كتلك اللحظة- أغلق عليّ باب حمام المنزل .. أملأ حوض الاستحمام بالماء البارد وأنام فيه .. أحلم أحلامًا بهيجة أكون فيها طفلة تلهو بجانب نهر وتضحك بصوت عال وتجري وترش المياه علي حيوانات سعيدة تلعب حولها. استقيظ وأنا مستعدة لمواجهة الحياة مرة أخري حتي يحترق جسدي وروحي فاُعِيد الكرّة ..
   
جسد زوجي دائمًا بارد .. كم تمنيت أن أسند رأسي عليه وأنا أجلس بجانبه ونشاهد فلمًا رومنسيًا، لكنه دائمًا مايقول أن الأفلام الرومانسية تليق بالمراهقات لامديرة عبقرية مثلي، فأخجل بأن أخبره أني أحبها جدًا، واُشاهدها وحدي علي جهاز حاسوبي المحمول اثناء سفري .. في حمامات الفنادق الفاخرة.
   
  يري أني سيدة ناجحة وعملية ويتغزل في عقلي، كل هداياه لي حقائب جلدية أنيقة باهظة الثمن، ساعات يد، حافظات أوراق. هل كان يجب أن أحب وأتزوج شخصًا لايعمل في نفس الشركة التي أعمل بها، حتي يراني "فتاة" و "حبيبة" لامديرة ناجحة حتي في المنزل.
   
  قلت له مرة إني أُحب فلم "مراتي مدير عام" لأُلمح له إني بداخلي شخصية تشبه شادية الرومانسية "الدلوعة" خارج العمل، فقال لي أنه كذلك لأنه كصلاح ذو الفقار لايخجل أن تكون زوجته مديرته، ويتمني لي المزيد من الترقي والنجاح!
   
  أمد يدي للصنبور وأفتحه أترك صوت المياه يربت علي روحي .. صوت المياة المتدفقة أروع موسيقي مهدئة في العالم، ربما هذا كانت الشلالات والبحار مصدر سكينة. رزاز الماء يبرد وجهي. أمد يدي وأملأ كفي من الماء البارد، ثم امسح علي صدغي واهبط إلي شفتيّ ورقبتي. سيكلفني هذا وقتًا إضافيًا لتعديل مساحيق تجميلي، لكن لايهم .. دموعي الساخنة ازاحتها قبلًا.
  
  كم أننا قويات! .. أفكر كل يوم كم سيدة تسير في الشارع وهي تنزف وتعاني من التقلصات! .. السُدس علي أقل تقدير. وهل يقدر أحد ذلك؟ لاأحد .. ولاحتي باقي السيدات والفتيات أنفسهن. كم واحدة تعاني مع الاحتباس الحراري احتباسها الحراري الخاص؟ كم واحدة لاتحظي بوقت خاص في عملها أو منزلها، تبكي أو ترفه عن نفسها؟ في لحظات مثل هذه أمتن لعدم وجود أطفال في حياتي، فكم أم تقضي ساعة أو ساعتين كل اسبوع نائمة في حوض استحمام بارد معطر بلا ازعاج؟
   
  طُرِقَ الباب ودار المقبض أكثر من مرة أثناء جلوسي هكذا لوقت لاأعرف كم هو .. لاأكترث .. حطموا الباب إذا أردتم أنا أحظي بجرعة الشفقة التي استحقها.
    
أنظر في الساعة فادرك أن وقت "البريك" أوشك علي الانتهاء .. أُقبّل الحائط بشفتي فتقبلني برودته. أشكر الله علي هذا الحنان والاحتواء الذي أودعه في هذا الحيز الضيق والبلاطات الباردة .. كنت أتمني لو أنها قد أُودعت في إنسان، إنسان لايراني إدارية مميزة فقط، بل سيدة تمر بكل ماتمر به السيدات من ضعف وانهزام وانكسار .. حتي لو لأسباب كميائية تتعلق بطبيعتها البيلوجية، وحتي لو كانت ناجحة وقوية.

    أرتدي حذائي .. أنهض من علي المرحاض .. أقوم بغيير فوطتي الصحية الممتصة لكثير من دمائي النازفة، أغسل يدي وأشرب من الصنبور المفتوح بكفي، أرش المياة علي وجهي المنحني تحت الصنبور وابتسم .. اعدل مساحيق وجهي. اضع قطعة نعناع في فمي قبل أن أفتح الباب وأغادر. ألقي نظرة أخيرة علي بيت الوِحدة .. وأمتن أن الحنان يصل إليّ، حتي لو من خلال حوائط باردة بلا نوافذ.

الثلاثاء، 27 مارس 2018

خيانة يهوذا العظمي



"لأَنَّهُ لَيْسَ عَدُوٌّ يُعَيِّرُنِي فَأَحْتَمِلَ. لَيْسَ مُبْغِضِي تَعَظَّمَ عَلَيَّ فَأَخْتَبِئَ مِنْهُ. بَلْ أَنْتَ إِنْسَانٌ عَدِيلِي، إِلْفِي وَصَدِيقِي، الَّذِي مَعَهُ كَانَتْ تَحْلُو لَنَا الْعِشْرَةُ" (مزمور12:55) 
أشهر خائنين في التاريخ: .. يهوذا، فبروتس.
يهوذا لمْ يخن المسيح ، ولابروتس خان قيصر،
بل كليهما خانا علة الوجود .. جوهر الله وأصل صفاته .. والقوة المُسببة والمحركة للحياة ..
"الحب" !
خان المسيح كل أهله وتلاميذه، ماعدا أمه والتلميذ الشاب النبيل المندفع بالحب والمطمئن بالسلطة،
وخان قيصر أغلب رجاله المقربين النبلاء الذين عفا عنهم وأكرمهم بعد خيانته.
لكنّ المسيح -في كل آلالامه العظيمة- لم يتألم أشد مما تألم من خيانة يهوذا،
وقيصر لم يتوقف عن المقاومة وأخفي وجه بثيابه، إلا عندما رأي بروتس بين الطاعنين.


***



"فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: يَا صَاحِبُ، لِمَاذَا جِئْتَ؟" – (متي 50:26)

"وأنت أيضاً يا ولدي؟ حتي أنت يابروتس؟" – يوليوس قيصر 

لمّا جاء الاعداء لخطفه عاتبهم .. ولمّا ضرب تلميذ أذن أحدهم،
نهرَ تلميذه وشفا المعتدي.
الخيانة والشر والألم والرفض وسوء الفهم والكبر والذات والغيرة والحماقة تسكن الأرض منذ حادثة القتل الأولي ..
أما ماينجينا منهم .. فهو الحب.
نُجرح، فنهرع للاصحاب ..
نُرفض، فنلوذ بأحضان الأهل ..
فإذا جرح الاصحاب ورفض الأهل .. فأين تسكن الأرواح؟
تطوف تبحث عن الحب في مواطنه، فتجد كل ماينفيه .. فتجزع جزع لاشفاء منه.


***

"فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟" (لوقا 48:22)

لم يكن السؤال "لماذا تسلم ابن الإنسان؟"، ولكن "أبقبلة!!!"
الكل حوله الآن خونة، أو خونة مع إيقاف التنفيذ .. فلا فضل لأحد علي يهوذا بالإخلاص.
أما الطاعن فبالسيف ..
واللاعن بالسباب ..
والمتخلي فبالهرب ..
والحاقد بسواد الوجه واحمرار العنين ..
أفتكون خائن بقبلة ؟؟!!
أتدنس الحب وأدواته ؟!!
ضرب ولطم الجنود طوال الليل .. بل حتي الصلب لم يؤلمه ولا استتنكره كما استنكر القبلة!
أضعف وأهرب وأبكي بحرقة .. ولكن لاتدنس الحب، لأنه هو الذي يُطهّر.


***


"فَلِلْوَقْتِ تَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ: «السَّلاَمُ يَا سَيِّدِي!» وَقَبَّلَهُ" 
(متي 49:26)

أما أنت يايهوذا فعليك كل لعنة التاريخ الإنساني ..
أنت وكل أتباعك الخانين باسم الحب ..
ترسل السلام وتخون!
تقبل فتسكب بدل الحب سُمًا؟!
تدخل بستان الزيتون - وفي الزيتون عهد سلام - تقود قافلة الكراهية والحقد ؟؟ ؟؟
أنت ..
وكل شهوانيّ باسم الحب ينتهك الأجساد، فيدنس أعظم علاقة اتحاد أبدية ..
وكل ماديّ باسم الحب يعقد صفات بيع وشراء البشر والعلاقات في بورصة مُسعرة ..
وكل سلطوي باسم الحب الأبوي والأموميّ يستعبد ويذل وينمط ويكسر أجنحة ..
كلكم بؤساء هالكون بلا عودة ..
لأن ذنبكم أعظم من أن يغتفر ..
ولأنكم أحرقتكم مراكب العودة وهدمتم الجسور ..
فكل خذلان وخيانة يمحون في بحر الحب العظيم الذي يغمر الكون بمداد لايتنهي من قِبل غير المحدود وغير المحوي ..
بذاته! ..
أما وقد كفرتم بالبحر والسماء والهواء والدفء والجمال والروابط،
بل بالوجود والحق والحياة ..
فعلي أي أرض ستقفون؟ وإلي أي سماء سترفعون أياديكم وأعينكم؟
ماالذي سيُبقي أنفاسكم والترابط بين خلاياكم؟
أنتم أموات بلا رجاء، وإن لم تنحروا أنفسكم ..
أنكم بؤساء معذبون في جحيم لايطاق، حتي وأنتم في بذخ وتنعم ..
أنتم أكره الكائنات -حتي لأنفسكم- لأنكم تحرقون الحياة وتسممون المنابع ..
تشوهون الحب الذي يقبلكم .. ولكنكم ماعدتم لتؤمنوا بوجوده أصلًا ..
وأنتم خائنوه.