السبت، 31 ديسمبر 2011

لو انتهت حياتى الآن ...


لو انتهت حياتى الآن ..
ليعلم العالم أنى عشت أحلى حياة
وأنى كنت أسعد انسان مر بهذا الكوكب
وأنى ذقت أغلب نكهات المشاعر
وتألمت لحد الاحتراق الداخلى
وخفت
وقلقت
وضحكت
ولعبت
وأزعم أنى أخترقت أغوار السر
وفهمت
وفرحت
...
لو أنتهت حياتى الآن ..
فأبدأ حياتى الحقيقة فى المكان الأرحب
والتى أشبّ إليها بخيالى فلا أدركها
...
لو أنتهت حياتى الآن ..
فأرجو أن تكون أخر كلمات لسانى
"أشكرك يارب"
وأخر أغنيات قلبى
"أحبك يارب"
وأخر أمنيات عقلى
"سامحنى يارب"

الأحد، 25 ديسمبر 2011

أبى الروحى :)


عامود الدكتور أيمن الجندى فى المصرى اليوم ... يوم 25-12-2011
يعرض فيه بتلخيص غير مخل قصة "يدّ واحدة" -إحدى قصص مجموعة دوامات العيش الحاف- بما يناسب حجم العامود.

أنى اعتبر د.أيمن الجندى أبى الروحى من الكتاب المعاصرين ، وطالما دأبت على مطالعة عموده يومياً كأنى اتنفس منه.
لذا اعتبر استضافته وتقديمه ، تشريفاً وتكريماً لا استحقه ..

دكتور أيمن ... شكراً :)



يمكنك تصفح المقال من هذا الرابط :

http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=322212&IssueID=2360




أو هذاً .. مع امكانيه استخدام تطبيقات "فيس بوك" عليه :

http://www.almasryalyoum.com/node/567016


الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

حبيبتى مصر ..


حبيبتى مصر ...
الموضوع طلع أوسع من خيالى
وأغلى من كل مالى
أكبر من أدراكى و رؤيتى
مختلف تماما عن خريطة توقعاتى
ومجاله أبعد مما تطول يدى

والدوشة زادت لحد إصابتى بالصمم
والنجوم تحولت لشهب ساقطة لحد استحالة الاسترشاد بها لتحديد اتجاه
وأنا لست صاحبة كلام منذ أمس أو أول أمس
ولكنى فقط صاحبة حب و فرح و أمل.
لذلك أعلن انسحابى كلامياً من الساحة
وأعلن تثبيت أقدامى كوصيفة تجميلك حتى لو أصبحتِ جثة مسحولة ممزقة
ولكن هذا عهدك بى وعهدى لكِ .. فلست طبيبة لأعالج جروحك واستأصل أورامك ،
فقط أعرف مواطن جمالك .. الظاهرة والباطنية ، وأسعى للعناية بكِ على طريقتى.

أعدك أن أحافظ على تفاؤلى -من مِداد إيمانى- لأنقص الساحة متشائماً
وأن أسعى لأكون أمينة .. لأعفيك طعنة من طعنات الخيانة
وأن أجاهد لأكون أكثر صلاحاً ،
حتى أزيد الصاحين واحداً ، الذين من أجلهم لايحرق الرب المدن .. بل يعفى عنها
وحتى لا أكون "الحرام" الذى فى وسط الشعب وبسببه ينهزم فى حروبه.

أحبك
ومن أجل حبك سأظل أصلى لأجلك كل يوم
وهذا أقوى وأصدق وأعمق وأسمى وأصلح وأضمن وأيقن ..... ما استطيع أن أفعل


الأحد، 6 نوفمبر 2011

مـديـنـة الـدبـبـة


يُحكى أنه فى قديم الزمان كان يوجد مدينة تسكنها قبيلة من الدببة تسمى "مدينة الحب". سُميت هكذا لأنه لم يكن لسكان المدينة وظيفة ولا عمل غير أن ينشغلوا بمحبة بعضهم بعضاً !. فلا أحد يفعل شيئاً لنفسه ، ولكن لأى دُبّ آخر غيره. تطهو دَبّة الطعام لجارتها التى تذهب لتنظيف منزل أخرى ، وهذه الأخرى بدورها تغزل الملابس لآخرى ... وهكذا.



أيضاً الدببة الذكور ، يذهب أحدهم لصطيادفريسة ليعطيها لجاره ، بينما يجمع جاره العسل البرىّ من الغابة لجاره الآخر الذى يبنى مع آخرين بيت هدمه المطر لأسرة فى أخر المدينة.



بقى أمر هذه المدينة سرى وغير ذائع لسببين ، الأول طبيعة سكانها ... فكلما أقترب أحدهم من المدينة –مسافراً كان أو تائهاً- ويرى دُبّ هنا وأخر هناك يهرب مذعوراً ... منظر الدببة –مهما بلغ لطفها- غير مشجع أبداً أن تُعانقها أول ماتراها ، كما أنه معروف عن الدببة أنها كائنات غير مستئنسة ... فلا يتوقع إنسان منها إلا أن تفتك به بمجرد أن تلحظه.



السبب الثانى هو خمول أفراد المدينة ، إذ يشعرون بالاكتفاء والاستغناء عن التواصل مع العالم الخارجى. عندهم كل شئ ويتكافلون فيما بينهم ، فلماذا يعلنون عن أنفسهم ؟؟. الدببة كسولة إلى حد رهيب ، وهل هناك كسل أكبر من أن يقضى كائن فصل كامل من العام نائماً ، فيما يسمى بــ"البيات الشتوى" ؟.



بقى أن نذكر بلا تردد أو حياء أن أكثر ماكان يميز سكان هذه المدينةهو الغباء !!. والغباء الشديد ... لكنهم كانوا لايلاحظون هذا تبعاً لقاعدة مرأة الحب العمياء. ولأنهم كانوا كبهم كانوا أغبياء ، فمَنْ الذى سيقف على الربوة ليخبر الباقين أنهم فى اسفل وادى الغباء ؟؟.



كانوا يحبون بعضهم بعضاً جداً جداً ... ذلك الحب الذى يجعل المُحِب ينسى ذاته أمام مَنْ يحبه. وبسبب ذلك الحب العنيف كانوا يموتون بطريقة غريبة ! غريبة جداً !.



كانت لهم طريقة مزعجة جداً فى التعامل مع مشكلة بسيطة –أو هكذا يحسبها البشر- فأول مايلحظ دُبّ ذبابة أو نحلة تقف على وجه دُبّ آخر تنتابه حالة هياج جنونية –من فرط الحب- ويمسك بأقرب حجر ليهوى بع على وجه "حبيبه" ليرديه قتيلاً ... بعد أن يكون قد قتل الحشرة ، أو أفزعها لتهرب !!



هكذا كان يموت الدببة أثناء نقاش ودىّ ، أو أثناء تناول الغذاء فى حديقة. لم يشعر دب بالذنب يوماً لقتله آخر ! ، بل كان ينتابه ذلك الفخر النبيل لقيامه بواجبه ، ولدفعه الأذى عن صاحبه. ولم يطوّ رالدببة طريقتهم فى إبعاد الحشرات الصغيرة الطائرة أو يفكروا فى تغييرها.



حتى جاء يوم قرر فيه سكان المدينة احتفالاً بالربيع الموسمى وربيع الحب الدائم إقامة احتفال ، وليمة كبيرة من العسل –الوجة الأولى المفضلة للدببة- فى حديقة غنّاء تقع فى منتصف المدينة ... اجتمع الجميع كم كل الأعمار والفئات حول مائدة العسل العملاقة ، ولكن ..... العسل جاذب بشكل مغناطيسى للنحل والذباب !! ... وما أن فتحوا أغطية الأوانى لتبدأ الوليمة حتى بدأت المذبحة !!.



فنت كل مدينة الدببة فى ذلك اليوم على "مائدة الحب" بأغرب حادث "رجمّ" فى التاريخ الواقعى والأسطورى ، إذ هلك الجميع بلاذنب ولا علّة إلا الحب الجارف الذى صنع من كل دب قاتل ومقتول !





**********************



دبة واحدة فقط نجت من تلك المأساة ، إذ كانت تعانى من مرض عضال ألزمها الفراش. ولمّا استغربت تأخر الدببة ليمارضوها –كعادتهم- خرجت متحاملة لتفاجأ بالمدينة خالية تماماً !!. طال انتظارها لظهور أى دب ، حتى دفعها الجوع والعطش لأخد خطوة جديدة.



لم تفكر أن تساعد نفسها بأى شكل ، ولكنها فكرت فى أن تبحث عن مَنْ يساعدها. هكذا مبدأ الدببة لا أحد يساعد نفسه –حتى فى إبعاد ذبابة- وعلى كل واحد أن يساعد كل واحد.



سارت بأتجاه باب المدينة ... خرجت للصحراء تنتظر مُعين ، مرت فى سكة الخروج بالبئر والسوق والمخبز ... كأنهم من حجارة. جاء الليل فنامت من التعب ، لمّا أستيقظت وجدت قافلة تجار تُخيّم بالقرب منها ... ففرحت وجرت تجاههم.



كانوا يشعلون نيران للشى ويتسامرون حولها ، ولمّا أبصروها قادمة أصابتهم حالة من الهلع ، توقع الجميع أن الدبّة تطمع فى الفريسة المعلقة فق النار ، فتفرقوا مزعورين من حولها.



واحد فقط لم يجرى ... كبير التجار ومالك القافلة. أدرك أنه لاجدوى من الجرى أمام دبّة ، وتذكر أنه من الأسلم التظاهر بالموت أو السكون ، لم يتحرك من مكانه وبقى ساكناً ، لكنّ كأس الشراب –رغماً عنه- سقط من يده المرتعشة بالخوف. وبفطرة الدبة وبحسب دستور مدينتها هرعت لتملأ الكأس للرجل وتقدمها له. أخذها بتوجس ، ولكنّ الدبة أكملت طقسها وراحت تقلّب الفريسة على النار حتى نضجت لتقسمها وتضعها أمام أماكن رجال القافلة ، الذين عادوا أماكنهم وهم غير مصدقين سلوك الدبّة.



*************************



لم يمر يومان حتى صارت الدبّة هى الصديق الألصق لكبير التجار ... كانت تهتم بكل مايخصه ... تعتنى به بشكل مبالغ فيه ، تحميه بروحها ... لدرجة أنه فكر فى الاستغناء عن كلابه المدربة لمّا يعود لبلدته.



أما باقى أفراد القافلة فكانوا منبهرين بطاقة الحب متركزة فى هذا الكيان ، حتى أنهم صاروا محمومين بها. صارت الدبة –فى بشاعة شكلها- رمزاً للحب بينهم ، فصنعوا بخاماتهم البسيطة المتاحة لديهم دُمى للدبة ليهدونها لأطفالهم عند عودتهم ، كما كتبوا رسائل لزوجاتهم وحبيباتهم وزينزها برمز الدبة كناية عن الانشغال بالمحبوب.



**********************



مرت الأيام سريعة حتى جاء اليوم الذى كان فيه كبير التجار يسترق النوم ساعة القيلولة فى خيمته –والبة معه- يجاوره طبق الفاكهة البرية ... وإذ بذبابة تتهادى فى كسل بين الفاكهة ... ثم تحلق لتقف على وجهه الغارق فى سباته.



***********



باقى المشهد السابق معروف ... وله خصيصاً صيغ المثل العربى الشائع عن "الدبة التى قتلت صاحبها". ولكنّ باقى القصة هو مايدعو للاسترسال والحكى ، ويجعل المرء مزهولاً غير مصدق أن يتصرف "بشر" هكذا !!



فبدلاً من أن يلوم أفراد القافلة الدبة ويكفروا بحبها ويحطموا الدمى التى صنعوها على شكلها ، ويمزقوا قصائدهم التى كتبوها فى مدحها ... بدلاً من أن يقتلونها انتقاماً لكبيرهم ... ألتمسوا –بكل استسلام- العذر لها !!



أغلقوا التحقيق فى الحادث بــ"حب أفضى إلى الموت" دون أن يستبدولوا كلمة "حب" بأخرى تعبر عن بشاعة الفعل ، ودون أن يفكروا هل يكفى فى ال"الحب" شدته وصدقه ، دون النظر إلى طريقته وشخصيته ومدى ملائمته للواقع ومدى نفعه للمُحِب والمحبوب ؟؟



**********************

وصلت القافلة إلى وجتهها ... رثى أهل "المقتول" فقيدهم ، أكرموا الدبة التى أحسنت إليه فى أخر أيامه !! متجاهلين –فى شبه النسيان العمد- إنها "قتلته" ... فإذا تذكروا التمسوا لها العذر بالحب !!



أعطى رجال القافلة الدُمى لأطفالهم والرسائل لمحبوباتهم. نفر الأطفال من شكل الدبة القبيح ، وأهملت الزوجات الرسائل لأنهن لم تتقلبن أن يصير الحب دبة قبيحة القوام ، وهن ممشوقات ... بشعة الملامح وهن جميلات.



فكيف يقبل الأطفال دمية ذات فراء يثير القشعريرة عند لمسه ؟؟. ولم تتقبل الزوجات وجه الدبة ذو الأنف الأفطس الأسود الكبير الذى لايدل إلا أنانية تريد احتواء هواء العالم كله فى رئتيها. عينيها الضيقتين المغروستين كمسمارين صدئين فوق أنفها ... لاتحملان أى مشاعر.



تتعجب النساء كيف يُقدّم الرجال الدبة رمزاً لمحبتهم لهن ، وهى تحمل صفات شكلية مختلفة تماماً عن ما يرق له قلب الرجال ويتغزلون فيه ويتغنون به ؟؟.



ألم ينظموا منذ القدم القصائد فى القوام الملفوف والملامح الدقيقة والعيون النجلاء والبشرة الملساء الناعمة ؟؟ فمالنا وهذا الكائن البشع ؟؟؟



ولكنّ الوقت كفيل بخنق كل الأفكار ، وإلغاء كل الأسئلة ، وخلق ........ "التعوّد" !! ... مر الوقت واعتاد الأطفال الدمى الدببة ... وصاروا يتوارثونها ويطورونها ... واعتادت الزوجات أن يحبهم الرجال –بالأسقاط- كالدبة القاتلة ، بعد أن كرسوها رمزا ... فصار الرجال يمنعن زوجاتهم من الخروج والدخول باسم الحب ... وصاروا يقحمون أنفسهم اقحاماً فى كل تفاصيل حياتهن –كما تعلموا من الدبة- باسم الحب ، صاروا يضربوهن ... بل يقتلوهن باسم الحب !! ولمّا تعترضن –أو يعترض أى محبوب على ظلم حبيبه له وتعسفه- يكون الرد الغير منطقى بأنه "الحب" ..... وليس شئ آخر.



******************************


واليوم فى عصرنا هذا –عصر إعمال العقل- مازالت الدبة هى رمز لحبنا الذى لم نطوره –رغم التقدم العملى الهائل- ولم نتأمل فيه نناقشه –رغم ذيوع الثقافة والفلسفة والنقد المستمر- بل حتى لم نُعمل فيه فطرتنا ، وامتثلنا لفطرة دبة قتلت بحبها ..... فأحببناها !.



فسهل أن نقبل أن يُرمَز للجمال بـ"وردة" ، وأن يُرمَز للرقّة بــ"فراشة" ، ولكن لماذا يرمز للحب بــ"دبّة" ؟؟. يتبادل هذا الرمز ملايين ملايين العشاق كل يوم وتحديداً فى عيد "الحب" !! لماذا لانسميه "عيد الدبة" إذن ؟؟. وهل يحب المحبون –المُهدون- أحبائهم بطريقة أفلاطونية سامية ؟؟ أم بطريقة ملحمية مُضحية ؟؟ أم يحبون بطريقة "دببيّة" قاتلة ؟؟.



ولماذا نهدى للأطفال وللبنات الرقيقات الدب كهدية ؟؟ فإذا كانوا غير مُدركين فى حداثتهم للمعانى المطلقة ، وإذا كانوا لايدركون غير مايرصدونه بحواسهم ، وإذا كان القول اليونانى المأثور يلفت النظر أنه "كما الروح كذلك يكون الوجه" .... فه وجه الدببة هو فعلاً مايجسد الحب كما نريد أن ننقله لهم ؟؟.



المصيبة أن "حب الدببة" لم يتوقف عند حد الهدايا والمعاملات ... بل نفذ إلى الملجأ الأخير للإنسانية ... "الــعـــدل" !!!

تسربت روح "حب الدببة" إلى القوانين والتشريعات ليخرج علينا قانون "القتل الخطأ" مُبرئاً المذنب من أبشع الجرائم !! قتل خطأ وإصابة خطأ !!



مامعنى أن أسلب حياة أحدهم ثم لاأدان ؟؟... ولماذا استخدم إنسانيتى إذا كنت لاأجيد استخدامها ، فهذا القاتل الذى يقود وهو غائب الوعى لايستحق أن يقال عنه "مُخطئ" أو "لايقصد" ، إذا لم يحترم أدميته أولاً وأهلك أخرى ... أيصبح برئ !!. وهل "القتل الخطأ" ينتج عنه "قتيل غير مكتمل الوفاه" يمكن استرداد روحه لأن القتل لم يكن مستوفى الأركان وكان خطأ ؟.



وعلى نفس القياس أصبح هناك من يحب ويخون ويهجر فيقتل ... "قتل خطأ" ... أصبح هناك من يلقى –مثل الدبة- حجر فى جه إنسان ... مدبب ملتهب متمثلاً فى كلمة جارحة ، ويحسبه حباً ومصارحة. فإذا مات –الموجَه إليه- من الألم صار قتلاً خطأ !!.



لم نكتفى بأتباع سلوك شائن ، وإعطاءه اسماً من أورع كلمات الوجود ، بل أصبحنا نبرره أيضاً وبقوانين راقية !! ... أو المفروض هى كذلك.



أخشى ماأخشاه –وليس هناك مايثير رعبى وجزعى إلاه- أن لاتحين مِنّأ أٍـلإأٌ’ لأسلوب حبنا ... لشكل حبنا ... لكل مايخص حبنا بغض النظر عن شدته وصدقه ، لأن وجود محرك بقوة مليون حصان ليس هو كل شئ ... بل كل شئ هو مايفعله محرك بهذه القوة ... هل يبنى أم يدمر ؟؟ ... فى الأولى نهضة للإنسانية ، وفى الثانية كارثة.



فإن كان "داروين" قد قدم نظريته بتطور الجنس البشرى عن أصل قرد إلى إنسان ، فأخشى أن نطوّر نحن عواطفنا من بذرة إلهية فى الوجود الإنسانى إلى عاطفة دببيّة كسولة غبية. فهل نستفيق ؟؟ أم يستيقظ العالم يوماً –قريتنا الصغيرة بلغة العصل- وقد تحول لمدينة دبيّة ... نحاول أن نحيا بالحب فيها ، فإذا بنا من فرط الحب نفنى.

الجمعة، 30 سبتمبر 2011


حاجة عبيطة ومش مهمة ..
بس بالنسبة لى تاريخية
:)
أنا النهاردة غيرت شكل المدونة لأول مرة من يوم ماعملتها مش عارفة من كام سنة
بتعبر نفسى لسة مبتدئة فى التدوين
لأنى مدونة بليدة ومش "بنجز"
وماليش فى الحركات الإفكتات
ومش بحاول اتعلم
بس من يوم مادخلت عالم التدوين وأنا اتعلمت كتيييييييييير
وكسبت كتير كتير كتير
التغيير -حتى لو فى الشكل بس- أحياناً بيحسس الواحد أنه جرئ !
وكفاية أنه يكسر حواجز
"ماعرفش"
"خايف أغير"
"ماهى حلوة كدة"
"المهم تقضى مصلحة"
....
وأنا النهاردة غيرت فى شكل مدونتى اللى بعتبرها بنتى
أو مكتبى
أو أوضتى
أو أوضة الخزين اللى العنكبوت معشش فيها ومش بدخلها غير علشان الريدر :))
***
النهاردة تغيير فى الشكل
بعده فى الأسلوب
بعده فى التفكير
لحد ما مالقيش منى غير أسمى :)
***
أول ماغيرت المدونة وشفت الجديدة حسيت أن القديمة وحشتنى قوووووووى
:'(
وأنى خاينة
وأنى خايفة !
فدخلت على الــ"سبيد دايل" بتاع أوبرا اللى مسيفة فيه كل المواقع اللى بدخلها كل يوم أكتر من 90 مرة وأخدت صورة المدونة القديمة احطها للذكرى ...
هاتوحشينى ياأغلى سنين الحبو التدوينى
وأهلا بسنين المسك فى التربيظة ومحاولة الوقوف ...
فقط من أجل "الشب" علشان أشوف أبعد
:)

الاثنين، 19 سبتمبر 2011

23 رقصة كاملة حول الشمس




*مسرح خلاب كروى معلق فى الفضاء .. يدور حول نفسه وحول الشعلة المتوسطة ، ويدور حوله عاكس ضوئى صغير. على طول مساحته تتنوع "الديكورات" والمؤثرات الضوئية وحتى الطبيعية من سحب وأمطار وحبال وبحار ونباتات ... ، وفى كل لفّة حول نفسة ترتفع وتخفت الإضاءة المستمدة من الشعلة ، وفى كل لفّة حول الشعلة تتنوع الأربعة الأكواد الرئيسية لمود العرض .. الشتاء والربيع والصيف والخريف.



*كلٍ على المسرح يرقص فى تشكيلات عظيمة. مدة العرض عام ، ويبدأ العرض الذى يليه آنياً مع أنتهاء سابقه ، بلا فواصل ولا استراحات. يرقص الراقص من لحظة دخوله المسرح حتى لحظة مغادرته -ويحدد المعادين المخرج الأعظم- على أن يختار هو من يرقص معهم مع امكانية إعادة صياغة دوره فى كل حركة بحرية كاملة.



*يظن السطحيون أنه لكى يكون دورهم فى العرض بطولياً فلابد أن يختاروا تجسيد الشخصية الأغنى ، أو الأشهر ، أو الأجمل ... وينسوا أن أدوار البطولة الخالدة لها معايير مختلفة تماماً. ففى تاريخ الراقصين الذين رحلوا أو حتى تاريخهم الأسطورى دائما مايكون البطل –أو البطلة- "بطلاً" لأنه أختار "الصلاح" للنهاية دون ال 606;ظر لأى اعتبارات أخرى ..

ففى قصة أسطورية كـ"ساندريلا" أو "سنوايت" كانت الفتاتان البطلتان الأفقر فى كل شخصيات عرضهن ، وعلى أرض الواقع اختار "غاندى" أن يكون "الأفقر" و "الأبسط" رغم أنه كان من الممكن أن يكون عكس ذلك تماماً .. وأدى رقصتَهُ حافياً. "هيلن كيلر" لم تكن ذات الأمكانيات والمواهب العظمى ولكنها كانت ذات "الإيمان" و "الثقة" و "التفاؤل" وبهم أضاءت وهى لاتعرف معنى النور. "الأم تريزا" لم يكن لها ذلك الفارس الذى تنتظره بعض الفتيات على حصانه الأبيض ذو الأجنحة ليطوف بها الممالك تصنع الخير ، وإنما اختارت هى أن تكون فارسة على حمامة بيضاء تطير على ارتفاعات صغيرة وتغمد سيف الحب فى كل القلوب بشجاعة ومثابرة قد لايرى البعض تفسيراً لها. وأبطال أخرين أفنوا أنفسهم بدون أن ينشغلوا بالبحث عن "إمرأة عظيمة" يلقونها روائهم لتكون وقود دفعهم للقب "الرجل العظيم". بينما عرف آخرون الثنائيات الراقصة بمعنى التكامل فى العظمة ووحدة الهدف مع رفض كل المغريات ناظرين لما هو أبقى وأقيم ، فذابوا فى بعضهم حتى توحدت خطواتهم بل وأنفاسهم ودقات قلوبهم كالزوجان "كورى".



*لايهم نوع الرقص الذى يؤديه الراقص ، سواء كان أنفرادياً أو ثنائياً أو فى جماعات كبيرة ، تحت الإضاءة الساطعة أو فى الإضاءة الخافتة أو كخيال الظل ، كلاسيكياً أو حديث ، على إيقاع هادئ أو بسرعة لاتلتقط العين تفاصيلها ، بمؤثرات مبهرة أو خلفيات متواضعة ، على موسيقى عالمية أو دندنات أولية ، بملابس أنيقة أو عادية ... اختيارات عديدة تتنوع بعدد بصمات الأصابع ، بحيث يكون لكل راقص "تيمته" التى لاتتكرر ، يظل الحكم الأخير ليس "لجمال" الرقصة أو "مدى إبهارها" ولكن بمدى تأثيرها وقيمتها وهدفها فى مجمل العرض بكل تبايناته التى تمتد لسنوات متصلة ، فلايمكن الحكم على العرض من مشهد أو حتى فصل كامل بمدة أكثر من عام . لكن أيضاً كل حركة وحتى انفعال على وجه يساهم ويضيف للعرض ولايمكن التراجع فيه وإنما تصحيحه فى أثناء العرض ، فالعرض بلاكواليس وبلا تداريب خارج العرض الأساسى ... ثمن الخطأ أنه لايمكن إلغائه ولكن يمكن تداركه.



*قد يظن أحد المؤديين أن دوره غير مؤثر ، غير ظاهر ، قبيح ، مشوِِش ، عبثى ... ولكنه ربما ليس كذلك أبداً ، بل ربما يكون بطل المشهد القادم ، بل ربما يكون البطل الآن ولكنه لايرى دوره بالنسبة للمسرح الشاسع ، ربما يكون وحدة أساسية فى تكون مبهر وغيابه فارق ... لاينبغى أن ينشغل الراقص بغير رقصته طالما واثق من صدق أداءه ، وقوة إيقاعه ، وجمال وقوة حركاته .. ولاينبغى أن يحكم هو على دوره لأن عين راقص من قلب العرض ليست بالمرصد المثالى ، ولا خبرته كراقص تتيح له أن يحكم على دوره أو دور غيره أو يتنبأ بالتداعيات القادمة ... فالعرض أكبر وأعظم من خبرته ورؤيته ومجاله ... فقط المخرج الأعظم من له هذا الحق.



*يحق للكل أن يبتكر حركاته الخاصة ، وأن يشترك مع الآخرين فى حملهم بل ودفعهم للتحليق أيضاً. توجد توجيهات المخرج الأعظم التى تختصر الكثير من التجارب الفاشلة للمؤديين. يلتف البعض حول التعليمات الواضحة جداً كى يقنعوا أنفسهم والجميع أنهم يطبقونها ولكن بطريقة أخرى .. قد يقتادون البعض لمنحدرات موت أو يعلقونهم بحبال بالية قانعينهم أنها نسبة محسوبة من المخاطرة على ضوء التعليمات. ولكن التطرف والمغالاة فى لفت النظر واصطناع البطولة الزائفة له ثمن باهظ ... والعرض ليس بلا تقييم.



*قد يتسائل البعض عن ماهية تلك القوة التى تجعل إنساناً أياً كان يرقص لعقود بلا توقف ! ، والمطلوب منه أن يحسن دائماً الأداء ، وأن يغرقه بالقوة والحيوية !! ... ولكنها قوة واحدة دافعة دافقة وتصنع بجدارة الأبطال .. طاقة الحب والإيمان. فإن كان أياً منهما مزيف ، انعكس ذلك جلياً على أداء الراقص مهما حاول إخفاءه ... فالحب المزيف والإيمان المزيف كالطعام المسمم ، لايغذى وإنما يجعل الراقص يلوى من الألم والجزع ... ويعتبره الأخرون رقصة جديدة يعجبون بها ، وهم لايعلمون مدى عذاب صاحبها الداخلى.



*واليوم وأنا أتم 23 رقصة كاملة حول الشمس ، وأبدأ للتو أخرى ... أحاول أن أقيم موقعى ، فلا أعرف على وجه التقريب ، أحاول أن أقيم أدائى فأراه هزيلاً عن توقعاتى ، وغير مرضى بالنسبة لواقعى ، ومخجل بالنسبة لتوجيهات المخرج الأعظم ... لاوقت للراحة ، حركات الرفع والدفع والتغيير لانهائية ، والطاقة صارت تستلزم المزيد والمزيد من الجهد لجلبها بينما تستنفذ بسرعة .. ولكن تبقى دفعة الثقة التى لم تسحب ، والفرصة حتى ولو لساعات أو دقائق ، مزيداً من اللياقة والخبرة اكتسبها أدائى ، واحترافاً لأذنى الموسيقية لأنتظم بمشاركة وحب مع الإيقاع العام الذى يضبط المسرح كله ، قوة أكبر لعضلاتى بها أساهم فى الحركات الصعبة والخطرة وأشارك فى تشكيلات المحترفين فأرفع وأحمِل ، وأتشبث وأُحمَل ...


23 رقصة كاملة حول الشمس ... ولا أعلم كم بقى لى حتى تشير لرقصتى بالانتهاء فأغادر المسرح بغير رجعة أيها المخرج الأعظم منتظرة التقييم الإجمالى الذى من أجله أحاول ألا أنحرف عما تراه أنت فناً إيجابياً رائعاً ، ولكنى أرجو منك أن تمدنى بالقوة وتقتحمنى –فى وسط الضوضاء- بالتوجيه والتعديل والأرشاد ... حتى أؤدى الدور الذى تنتظره منى يوم أدرجتنى فى عرضك الرائع وتركت لى حرية الإبداع.


الجمعة، 2 سبتمبر 2011

"س" ..... حين لم تخترْ الحياة

"س" ... فتاة فى الخامسة والعشرين ، تعيش فى زيورخ – سويسرا .....

هنا أفضل مدينة للعيش على مستوى العالم لثمان أعوام على التوالى ، وحصّالة النقود المهربة والغير شرعية للأثرياء والتجار والمقامرين والمسئولين على مستوى العالم أيضاً. ولدت "س" لأم من أصل أوربى –الذى يحظى أهله بمعاملة مميزة عن المهاجرين من ذوى الأصول الأسيوية أو الإفريقية- وبلا أب. قالت لها أمها أنه كان زميل فى المؤسسة الصحفية التى كانت تعمل بها ، وهاجر إلى الولايات المتحدة دون أن يعرف أنه ترك طفلة فى أحشاء صديقته ... وانقطعت أخباره ، لم تر له حتى صورة تدعوها لأحلام يقظتها.

نشأت فى أحضان طبيعة يراها الجميع "فردوسية" ، يقصدها السياح والفنانون من كل أنحاء العالم فقط ليتأملوا .. أما هى فكانت تراها صماء بكماء لاتخاطبها ، معروضات حيوية فى محمية طبيعية. كانت ملحدة .. ترى الإيمان بالغيبيات والأبديات والمعجزات و ... أى شىء يمت لعالم الروحانيات هراء ! ... والحب أيضاً هراء ، أى شئ لايخضع للعلم أو للفحص أو للحساب هراء. حُبّين فقط كانت تؤمن بهما حب أمها وحب كلبها !!.

كانت ترى أمها تحبها وتضحى بأشياء كثيرة لأجلها .. دون أسباب واضحة محددة فى نقاط منطقية ، وكذلك كلبها ! ، جربت أن لاتطعمه وتتجاهله لبضعة أيام ، ولكنه لم يغدر بها أو يقابل تجاهلها واهمالها بمثليهما .. فتوصلت إلى أنه أفصل من صديقها وكل من أدعى محبتها ثم جرحها عندما توقفت عن العطاء .. قاطعتهم كلهم وتوقفت عن العطاء ، وآمنت بأمها والكلب.

على عكس أغلب الأوربيين لم تغادر بيتها أثناء دراستها الجامعية ، جامعة زيورخ للعلوم التطبيقية من أعرق الجامعات فى أوروبا. أختارت دراسة الطب لأنه علم صيانة الإنسان الذى يحل محل الإله فى عقلها .. ولأن حبها الجنونى لأمها جعلها تتمنى أن لاتسمح لطرفة ألم أن تعبر بها ... ستعتنى بها لأخر عمرها مكافأتاً لها على وهبِها عمرها لها ، وتوحدها لرعايتها مفضلتاً كل مايخصها على مصلحتها ومتعتها الشخصية.

كانت فاجعة عمرها يوم علمت بإصابة أمها بالسرطان ، فى الحقيقة هى لم تعلم يوم الإصابة ... بل بعد أن اتسوطن فى أغلب اعضائها. جاء الاكتشاف متأخراً جداً ، وتدهورت الحالة سريعاً جداً. أخبرها زميلها ببرود ثلجى من خلف عويناته -التى تُصَفّح عينيه من اختراقات المشاعر فى الاتجاهين- أن المدة المتبقية تتراوح فوق وتحت ستة أشهر بأيام.

اختارت أمها الموت الرحيم رغم أنه مُنع قنونيا فى سويسرا بعد جدل كبير. ترجتها فى توسل هستيرى أن تتشبث بالحياة لأجلها. ولكنّ أمها أقنعتها بهدوء واهن من فرط المسكنات أنها لم تعد تحتمل الألم .. لايوجد مايحفزها على الحياة. وإن كانت مسألة وقت .. فلتتحول لنقطة سوداء فى سماء العدم فى أقرب فرصة. تمنت لو تقتسم معها آلامها .. لو فعلت أى شئ ليطيل عمرها فقط ساعات .. ولكنها بحكم عملها وبحكم عقلها وبحكم إيمانها أدركت أنه لامفر. حقنتها بيدها بعد تعانقتا طويلا وبكيتا. عادت لمنزلها لتجد الكلب قد مات أيضاً !. نظرية جديدة فى التواصل الروحانى بين الحيوان وصاحبه .. ولكن لاوقت لديها لدراستها ، فلديها قراراً لتنفذه.

لا أمل فى أن تقابل يوم ما أمها فى عالم آخر ، لأنه لايوجد عالم آخر –حسب إيمانها- وهاهو عالمها ووطنها وكل أمانها قد رحل لحظة رحيل أمها ، ومسكنها الوحيد ... خضنها. خرجت للطبيعة تودعها ولكنها أشتمت فيها رائحة العدم أيضاً. كتبت هناك خطابها لتوضح فيه لماذا أختارت هى أيضاً الموت ... فالحياة كلها معادلة رقمية جافة قاسية ، فقط الموت والعدم هو ما يستحق أن ندعوه رحيماً

**********


"س" ... فتاة فى الخامسة والعشرين ، تعيش فى روما - إيطاليا .....

ولدت لأحيا ... أحيا لا أعيش. أنبثقت كزهرة سحرية فى روما .. عاصمة الدولة الرومانية القديمة. روما الأشهر على قائمة اليونسكو فى مواقع التراث العالمى .. روما الحرية والديموقراطية ، مهد الحركات الفكرية ، وخامس أكبر ميزانية حكومية ، وثانى أفضل رعاية صحية ، وثامن دولة تقدمية ، وسادس أشهر مدينة سياحية ، وأعلى المستويات التعليمية ... على مستوى العالم كله ! ... تلك هى روما.

ولدت لأسرة كاثوليكية محافظة ولكنى من بعد مراهقتى تركتها وتحررت. تحررت من فساتينى الكلاسيكية ذات الأكمام الطويلة التى ألتزم بها فى ذهابى للكنيسة ، وتحررت من أخذيتى الرقيقة الطفولية ، تحررت من أفكار نظامية تضعنى فى قالب باهت لايستمتع بالحياة أو الحب أو الجمال ، أو الفكر والفلسفة والفن. تطورت من فتاة تقليدية كأنشودة دينية ، لملحمة أوبرالية ... ولما لا وعلى هذة الأرض أنطلقت شرارة الأوبرا الأسطورية ، المتطورة عن التراجيديات الإغريقية ومدائح الجوقات الكنسيّة.

خرجت أتنفس الهواء فإذا به معبق بأرواح الراحلين ، جمال الفنانين ، وجسارة المحاربين ، وانتحارية العبيد المتقاتلين فى الكولوسيوم. تذوقت طعم الحب والحياة والمتعة والمشاعر المختلفة فى الأطمعة الإيطالية الفريدة التى تخاطب الحواس بأروع ما يمتعها .. فتنقل لكل مستقبلاتى معنى الحياة كاملة.

قرأت أغلب الفلسفات ، ووضعت يدى على التماثيل مكان ماوضع مايكل أنجلو اصابعه يتفقد عمله فى عصر النهضة ... سمعته يهمس لى من خلال رسومه البديعة فى كنيسة سيستاين بأفكاره الفلسفية ... يستأمننى على أسراره العقائدية ، يخبرنى أنه لم يكن بالتمام مسيحياً ولكنه هادن السلطة الدينية. أخبرنى أنه اعتنق "اليوبلاتونسيم" وهى نظام فلسفى يجمع بين الأفلاطونية والمسيحية واليهودية. يخبرنى كيف كان يكتشف التماثل فى ثنايا الصخور الصماء ، وأنه ماكان يمنعها من الحركة إلا افتقاده لتلك النفخة الإلهية التى تهِبْ نسمة الحياة.

عرفت متعة أن أرسم على لوح منصوب على الرصيف .. أن اقضى اليوم متأملة فى صورة أو تفصيلة فنية ... مستغرقة فى أغنية أوبرالية ملحمية ، مرتشفة القهوة "الإسبريسو" كأنها روح كثيفة لحكيم أو أمبراطورة ذات بشرة مخملية.

جربت حرية الحب الذى بلامسئولية. أن ترقص مع أحدهم فى الشارع .. وتتناولا فى المساء المكرونة والبستا .. تحتسيان مساءاً نبيذ بطعم الحب الخالص ، ثم يرحل كزوبعة أولمبية لآلهة إغريقية. كل واحد –مِن مَنْ أعرفهم- له عقيدة شخصية وطعام مفضل موسيقى مفضلة .. هذا هو الإنسان حالة تفرد و تنوع بعدد بصمات الأصابع.

ولكن هناك سر لم يخبرنى به أحد من القابعين فى كل هذا السحر ... أين اليقين يامعتنقى الأفكار المتجددة المتنوعة المتشككة ؟؟ لماذا ألمح الخوف من شىء أبدى فى لوحاتكم .. لماذا تمثيلكم بملامح قلقة متألمة ؟؟ لماذا اهلكت لوحاتك يا عزيزى مايكل أنجلو واتكئبت فى أواخرك ؟؟ أبعد كل هذا السمو والعمق لم تجد ما يلطف الحياة ويلمس قلبك بالفرح ؟؟ لماذا تفقد ألذ الأطعمة نكهتها فى فمى ، وتستبدل بالمرارة بعد ليلة حب زائفة يخبرنى فيها من كنت أظنه حبيبى أنى تافهة وسهلة وبلا مبادئ ، مع أنى ألمح السائحين يتلذذون بنفس أصنافى ؟؟ هل هناك حب حقيقى يدوم ؟؟ وكيف يدوم الحب وأنا نفسى أتغير كل يوم أكثر من مرة بكل أفكارى واتجاهاتى وملابسى ، حتى لايبقى منى بعد شهر شيئاً مما كان منذ شهر ؟؟ فى صدر مَنْ أرتمى وأبكى هزائمى وانكساراتى ومَنْ يربت على أكتافى ورأسى ، وهذة التماثيل بارد جامدة لاتضم من يلجأ إليها فى لهفة ، وأنا قد رضيت بها بديلا عن أسرتى واصحابى ؟؟ مَنْ يتابعنى ويقومنى وفى هذا العالم –الذى دستوره الحرية- لايوجد من يمنع أو ينظم ، كل شىء متاح وكل شىء مُحلل ؟؟

أحاول أن أهدأ وأستقر فى أعماقى ، فلا أجد أرضاً ثابتة لأقف عليها. أحاول أن أختار أى شىء فأفشل من كثرة وتعدد الاختيارات اللانهائية. أحاول أن أبحث عن يقين ... فأكتشف أنى أخترت من البداية الشك ديناً ومنهجاً. أقرر أن استمتع بالدنيا كأدنى حالات الضمان غير مبالية بالأبدية الغامضة .. فينسكب محيطاً من المرارة الأبدية عابراً حاجز الموت ليغرق حياتى. أجزع من قتامة الظلام المحيط بروحى الذى يجعلنى اتخبّط ، رغم روعة الأضواء حولى .. والتى بكل سحرها وقوتها لاتساعدنى على الاختيار .....

**********




"س" ... فتاة فى الخامسة والعشرين ، تعيش فى لندن-بريطانيا .....

ولدت "س" لعائلة لها جذور ملكية ربّتها كأميرة ، وأحبت هى ايضأ أن تكون كذلك. الحياة الملكية ذات ضريبة باهظة من الألتزام والتحفظ والتأنق وحساب كل شىء ، بتداءً من الابتسامات والإيمائات الخطوات ورشفات الشاى .. وانتهاءً بحسابات العقل والقلب. ولكنها أرتضت أن تدفع تلك الضريبة كاملة عن طيب خاطر ، مقابل هالة أحترام الذات التى كانت ترافقها منذ نعومة أظافرها وحتى صارت فتاة ناضجة.

لم يكن لها أبداً صديق أو حبيب لأنها كانت تعرف أنها إن حفظت نفسها كأميرة سيأتى يوماً ذلك الأمير ذو الفرس الأبيض والرداء الأرجوانى ليضمها إلى قلبه بينما تحمل عصفورتان طرحتها الرقيقة.

كانت مثلها الأعلى الأميرة ديانا .. أميرة القلوب. كل يوم تضع نفسها فى فستانها الملكى يوم زفافها ، ونتظر للمرآة فترى على وجهها ابتسامتها الخلابة التى تجمع خليطا رائعاً من الخجل والثقة والرقة والبراءة والأنوثة والأمل والصدق. كانت تتابع أخبارها فى شغف وفرح ، كأنها تراقب قصة حياتها المستقبلية بفضول يتعطش أن يعرف ما الذى سيحدث لها –لى- لاستعد لاستقباله.

يوم طُلِقت ديانا انكسر داخل "س" صرحاً كبيراً ، ونزفت من الكسر أسئلة كثيرة متدفقة بلا إجابة .. كان أكبرهم "لماذا؟". أليس الحب الصادق والقلب الصالح كفيلان بحفظ السعادة الأبدية ؟؟ إذن "ماذا حدث" ؟؟ ولكنها لم تجد إجابة شافية ، خاصة أنها تحتقر لغة الصحافة المبتزلة الباحثة عن الفضائح.

واحد من أسوأ ثلاثة أيام فى حياتها كان يوم وفاه الأميرة ديانا فى حادث سيارة بنفق بباريس يوم 30-8-1997. مات فيها ذلك الشىء الذى كانت تحاول تضميده وإسعافه بأجتهاد طوال العام السابق مابين الطلاق والوفاة. تلك المرارة التى سكنتها فى ذلك اليوم لم تفارقها أبداً وإنما فقط اعتادتها مع الزمن ، وكيف تنسى أميرة القلوب وصورها تحاصرها مع الأطفال والمرضى ... كانت تريد أن تتحول لملاك بشرى مثلها ، ولكنها ماتت كفتاة أمريكية مستهترة فى حادث سيارة مع صديقها ، فهل الحفاظ على الهالة الملائكية والفستان الأبيض والشمعة والجناحين الصغيرين صعب إلى حد التفريط فيهما وإنهاء الحياة كاملة على النقيض ؟؟

مضت تكمل مسيرتها وهى تحاول استئصال ذلك الجزء الأخير من القصة الملكية الأسطورية ، وتنوى تعويضه بجزء من حياتها الخاصة ستجتهد لتجعله مناسباً. مضت فى ألتزامها بجهاد ضد طبيعة المجتمع الحر ، وضد رغبات بدأت تتفتح في أعماقها كأزهار برية متوحشة. حتى أتى ثانى أسوأ أيام حياتها ....

7 يوليو 2005 .. تفجيرات لندن ، كان والدها –الذى له دور رئيسى فى قصتها وضعته فيه موضع البطولة- يستقل مترو الأنفاق كعادته عندما قام أرهابيون بتفجير قنابل شديدة الأنفجار داخل أحد الأنفاق ... الذى تصادف –أو بقصد درامى- وجوده فيها. مرة أخرى ينكسر فيها شىء عظيم جداً ! ... ماتت السلطة الأبوية التى كانت تلملمها فى كفّ يعرف معنى أن يحتوى ويوّجه ، تمزق إلى أشلاء ذلك الزراع الذى كانت تتخيل نفسها تتأبطه على باب الكنيسة ليسلمها لفارسها وهو يقاوم شلل نفسى يتمسك بها ولا يريد التنازل عن تلك اللؤلؤة. لم يعد وجود لذلك الرجل ذو الشنب الكثيف الذى يرتدى الصديرى "الكارو" الأنجليزى الشهير ويصب الشاى فى الطاقم الصينى الموقع من أحد جنرالات الحرب أو الدوقات لها ولزوجها ولأولادها فى عطلة الكريسماس ... تمزق داخلها صرح أخر أكبر من سابقه ليحل محله حطام وخراب.

أكملت دراستها فى معهد لندن للأقتصاد ، رغم أنه لم يكن طموحها ، ولكنها الآن لاتريد أن تبتعد كثيراً .. تدرك تماماً أنها أضعف من أن تصمد بعيداً وحدها ، ستمكث فى مدينة الضباب بعد أن تمكن الضباب من قلبها.

وجاء فارسها ... تماماً كما تخيلته !! بنفس تلك الشقرة المتدرجة للبرتقالى ، والرموش الطويلة ، والأصابع الرشيقة ، والحلة العسكرية ! ... هو ... لم تصدق أنه موجود ، ولم تصدق أنه يريدها بكل هذا الحب والصدق ، غزاها من داخل الحصان الخشبى البسيط كطروادة المحصنة ... عبر بمنتهى اللطف إلى حياتها ولما أستقر اكتسحها.

توجته على قلبها ، وتوجها أميرته فى حفل كان كأروع أحلام الجنيات ! ... معه نسيت كل الآلامها ونوت أن تكتب قصة تُسفّه كل الأساطير أمام روعتها.

ثم جاء قرار الحرب على أفغانستان ضد الأرهاب ! ... سريعاً أنتهى الحلم الجميل ورحل حبيبها وأميرها ليؤدى واجبه. كانت تنتظره كل صباح وكل مساء حتى فى غير معاد الأجازات .. تسأل هل لو جمعوا جمر اللوعة واللهفة اللذان يعتملان فى صدرها شوقاً لحبيب روحها وصنعوا منه قنبلة ، يمكن أن يتركوا زوجها مقابل هذة القنبلة شديدة التدمير الأقوى من القنبلة النووية ؟؟

تتفقد كل يوم أماكن نزهاتهما على نهر التيمز وتسأل مافائدة الحرب إن كانت لاتعيد شيئاً وتأخذ أهم شىء ، أنا –لا ذلك الرئيس الأمريكى الأبله- من يحق له أخذ قرار المشاركة فى تلك الحرب ذات المصالح النفطية ، لأنى من أكبر المتضررين من الأرهاب فى أبى ، ولكنى لا أعرف ماعلاقة ذلك بصفقات نفطية قذرة ، وتيتيم المزيد من الأطفال ؟

وجاءها الخبر الذى ماكانت تخشى إلاه ، جاءها فى نفس اليوم الذى عرفت فيه أنها تحمل فى احشائها الأمير الضغير الذى كانت تنوى تربيته لتجعله مثل أبيه فيكون الفتى الأروع فى الكون. مات حبيبها نفس ميتة أبيها البشعة التى تجعلها لاتعرف مذاق النوم ، تستيقظ مفزوعة -كلما غفلت- وهى تدفع عن وجهها أشلاء دامية ... صارت الأشلاء فى الحلم خليط من أحشاء والدها وزوجها ... وفى أحشاءها الملتهبة ترقد قطعة صغيرة من إنسان تطمع ببراءة فى النمو والاكتمال.

تبكى كل يوم بانهيار وهى تتحسس بطنها وتشعر بفداحة اللحظة التى ستتلقى فيها سؤال من تلك القطعة الغير ناطقة –حتى الآن- عن والدها ... على الأقل هى فقدت والدها بعد أن حفظت صورته ، ومازالت تستطيع أن تغمض عينيها وتتذكر رائحة أنفاسه وهو يطبع قبلة على صدغها ، أو دفء كفه الكبير وهو يربت على وجنتها ... أما هو ، ماذا تقول له ؟؟

تتذكر ذلك الـ"تونى بلير" بأذنيه الكارتونتين وعيناه المستديرتين الغبيتين وتشعر نحوه بحقد وغل وكره لاحدود لهما. كيف يورط "زوجها تحديداً" فى تلك المهزلة ويمنعه من أن يرى أبنه ، ويمنعها من أن تجد الدعم المعنوى أثناء حملها الأول وولادتها وتربية أميرها الصغير ، وهو الذى أخذ أجازة من مدة ليرافق زوجته النائبة الأربعينية فى ولادتها الرابعة !! ... تشعر بكره واحتقار لتلك الديموقراطية التى تأتى بهذا القرد وصديقه الأمريكى ليعبثوا بشعوبهم وشعوب أخرى أضعف.

الآن هى صارت أرملة عشرينية ، بجنين يتيم ... تحيا حياة ضبابية كاملة بلا ألوان ولا رؤية ،هاهى الأسطورة تحترق ، ينسكب كأس المرارة على الصفحات ليلوث ويقبح كل اللحظات ويورّث طعم العلقم حتى ما كان حلواً منها ... صار نهر التيمز نهر دماء لايطهر أحداً ، بل يلوث ويتلوث من أيادى السياسين القذرة.

من عمق الألم تنزف المزيد من الأسئلة ... ما الخطأ الذى وقعت فيه لأواجه كل هذا ؟؟ لقد أخلصت لروايتى .. التى تبدلت لمأساه درامية لايوجد بها حتى مايدعو للفخر كأسطورة أيزيس وأوزوريس المصرية أو الملاحم الأغريقية ... فالدفاع عن الخير والحق لم يكن محرك لأى من أحداث القصة ؟؟ فقط فلم رعب بآلات جهنمية معاصرة هابط مؤلم بشع مقزز بلا بطولات. ولكن إين الخطأ ؟؟

الاثنين، 22 أغسطس 2011

سوبر ماركت ...



تحمله أمه على كتفها وتسير به أمامى فى الممر بين أرفف "السوبر ماركت" ... تمر بعينيها على اسماء العبوات تبحث عن ضالتها ، يبكى ويشير بكلتا يديه لأحدى عبوات.

ظننت فى البداية أنه عصيره المفضل ، ثم وجدت حماسته وثورته تنتقلان من عبوة إلى أخرى مع تقدم أمه فى خطواتها . كل مرة يختار لون وحجم ونوع يختلف عن سابقه.

لم تلتفت إليه كأنها لاتراه ولا تسمعه ... كأنها تحمل دُمية صماء لاتجتذب انتباهها ... ترفع عبوات الحليب وتديرها لتنظر إلى تاريخ الانتاج ثم تعيدها إلى الرفّ فى هدوء.

سارت لأخِر الممر حتى اختارت واحدة وضعتها فى السلة المعلقة على زراعها الذى يحمله ، بينما لم يتوقف هو عن نوبات احتجاجه المتنقّلة بين مطلب وآخر فى سرعة وتباين.

تبتعد عن الأرفف وتتجه للخزينة .. تضع السلة أمام البائع ، ترفع حقيبة يدها الصغيرة ، تنقد البائع ثمن العبوة ، يعطيها العلبة فى كيس بلاستيكى رقيق اليدين ، فترفع الكيس لتحتضنه بذراعها الأخرى كأنه طفلاً آخر .. يحتضن الطفل الكيس كأخٍ فى مثل سِنُه ويبتسم ، تعبر به الباب فى اتجاه الشارع ...

أنظر فى سلتى ... أشكال وألوان من الحلوى والمشروبات الغازية وعلب الوجبات السريعة التحضير ، الهائلة السعرات ، الغريبة الإضافات ، الجزيلة المُكسِبات للطعم والرائحة. أبتسم ... أتخيل لو أنى مكان الطفل مازلت قاصرة ، ومازالت هناك روحاً رقابيّة تمنعنى من أن اُسقط فى سلتى كل ما أشتهيه ، أو روحاً وصائية تعطينى فقط ما احتاج إليه أو ما هو نافع لى.

أشرد للحظة أرى فيها على الأرفف بدلاً من البضائع أمنيات ملونة ... تلك رغبات نجاح وهذه للحب ، وهناك المال والصحة والسعادة والرفاهية والمعرفة و ..... أنظر لسلتى فأجدنى قد حزت بعضاً منها ومازلت أشتهى المزيد ، أفكر ... كم تكلفة هذة الأشياء الصغيرة المكررة الغير مهمة ؟؟ أى ثمن باهظ سأدفعه من حياتى وعقلى وقلبى و .... ؟

أتذكر كم من "مغص معنوى" ألمّ بى ، و "تسمم فكرى و "هبوط روحى" من جراء ما استلذّه واسعى إليه بشهية ، فيتركنى من بعد نشوة لحظات لمعاناة وهزال وألم و مرارة ...

أستفيق من شرودى ... أُعِيد النظر للسلة ثم ......... أُعِيد محتوياتها للأرفف بسرعة وعصبية ، أسحب علبة حليب ، أنظر لتاريخ الإنتاج ثم أقلبها لأنظر مقدار الدسم والبروتين و الكالسيوم وباقى المكونات ، أبدّل واحدة بأخرى ثم بأخرى حتى أختار واحدة ، أتجه للخزينة ، يلقى البائع بمزحة صغيرة يتعجب فيها من طلبى الجديد الوحيد ، أرد بابتسامة فخورة تخفى سِرّ كبير ، أخذ منه الكيس الصغير الذى يحوى كنزى ، أتذكر أنى كنت لا أحب طعم الحليب وأنا صغيرة وأن أمى كانت تضيف كل مرة فاكهة أو كاكاو أو سكر فى محاولات ترغيب مستميتة ... ولكنى اليوم سأشربه كما هو. أضم الكيس لصدرى وأخرج للشارع وأنا أمتن لمصمم الأكياس الصغيرة الذى جعل اليدين رقيقتين –عن سهوٍ بالتأكيد- مما يجبر على احتضان ما أردته.

21-8-11