ياقادة العالم وحُكّامه ..
جئت إليكم اليوم بهذة الوجبة الوديعة
في استكانة لفّتها .. وفي هدوء وتسليم الشاة المصنعة منها، والتي كانت قبل قليل
ترعي في خُضرة مزرعة ليست ببعيدة عن هنا.
اقضموها .. تذوقوها .. واخبروني بصدق
.. ألا تساوي هذة القضمة لجمالها حفنة من الدولارات، تدفعونها وأنتم راضون؟ نفس
الحفنة تنفحون أضعافها لصناع السلاح (كم لفة من هذة الوجبة تساوي تكلفة حرب العراق
بالمناسبة؟)، ومثيري الفتنة في العالم ، وإعلامييكم الأغبياء. ألا ترون أن هذه
الوجبة ذكية؟؟ ألا ترونها جميلة؟؟ بينما كل ماتعرفونه عن الذكاء مُوظّف في أسلحتكم
.. وكل جمال بواسطتها –الأسلحة- يتحول في لحظة إلي رماد وخراب وأطلال.
تناولوها علي مهل.. وفكروا في هرولة
الآلاف في ذعر خارج منازلهم هربًا من خطر أنتم سببًا مباشرًا فيه. نتاولوها بتلذذ
ودعوا ألسنتكم تسبح باستمتاع في فقاعة الدسم. دعوا أسنانكم تلهو بلا ضغط حقيقي مع
المزيج المطهو جيدًا، ذو الألوان المفرحة لمثل أسناكم البيضاء المعتني بها.
دعوا أنوفكم تسكر من رحيقها الفواح ..
عن مزيج القرنفل والقرفة والحبهان والكمون وورق اللوري .. مع زيت الزيتون الساخن
والدهن السائل والبصل.
دعوا اصابعكم تتحسس الخبز الناعم كجلد
الأطفال، المعجون علي الطريقة الشامية (والشام –بالمناسبة- هو سوريا الخربة
المعذبة المُهجرة .. ساحة كل أنواع الجرائم اللاإنسانية الآن) والذي يستعير دفئة
من محبوبته التي يحتويها ويلملم أشلاءها في وقار وأمانة، لايفعلهم جنودكم مع بقايا
لحوم الأطفال في المناطق المنكوبة بكل نوع.
استمروا في الأكل .. استمروا في
الاستمتاع ودعوا سوائلها الكثيفة الدافئة تسيل علي أشداقكم بلاتحفظ .. هذا عصير
الخضروات والزيوت والدسم ذائب .. وليس دمًا. إن كنتم لاتخجلون من هذا، فبالاولي من
ذاك.
استمتعوا .. فالاستمتاع ليس جريمة. أظنكم
تسعون إليه بشكل ما -لااستطيع أن أدرك كنهه!!- بحروبكم وسيطرتكم علي بؤس العالم.
هو ليس جريمة ولكنكم –وياللعجب- تسعون إليه بجرائم تُفسده علي كل العالم، وعلي
أنفسكم!
هل أعجبتكم الوجبة الصغيرة؟ هل تحبون
تناولها مرة أخري؟ هل تحبون أن تُجرّبها شعوبكم؟ أتعرفون أنه يمكنكم السيطرة علي
شعوبكم بجعلهم يحبونها فيدمنونها .. .. فيرون فيكم سبب لذتهم واستمتاع حواسهم،
وبالتالي ترتاح نفوسهم .. فيعشقونكم. لايعارض العاشق معشوقه، بل يكاد يعبده ..
أعتقد أن هذه المعلومة الأخيرة ستستحوذ علي أقصي تركيزكم واعجابكم في كل ماسبق
وماسيأتي.
كيف نصنع هذة الوجبة بكميات تكفيكم ..
وتكفي معارضيكم –وهم كُثُرُ وإن قالت أجهزتكم الأمنية غير ذلك- وأحبتكم وشعوبكم
الجزعة؟.
سنحتاج مراعي شاسعة ترعي فيها الخراف التي تؤخذ
لحومها لأجل هذا الهدف النبيل .. وتذكروا، سعادة الخراف في حياتها تتناسب طرديًا
مع لذاذة طعم لحومها المطهية.
سنحتاج حقول من الخضر المشتركة في
عملية الطهو المقدسة .. مزارع للتوابل السحرية، وأشجار الزيتون والليمون .. الكثير
منها.
وطاقة .. طاقة هادئة تسوّي اللحم
والخضر علي مهل، تدعه يبكي سوائله كدمع عاشق صابر، لا كنزيف جريح يُسحق تحت دبابة.
طاقة نظيفة حتي لاتتسمموا. لاتسحقوا الحبوب لتحصلوا علي طاقة بيلوجية .. سنحتاجها
للخبز الملفوف. لاتبوروا أرضًا لبناء محطة إنتاج الطاقة .. سنحتاجها للزرع، تعقلوا
في استخدام الطاقة النووية .. الخلل فيها يسيسحق كل شيء .. ستُطهي لحومنا ونحن
أحياء بدلا من الماشية المذبوحة برحمة. في شعوبكم كثيرين ماهرين –كالطباخين- عندهم
أفكار رائعة كهذة الوجبة عن كيفية انتاج طاقة نظيفة .. اسمعوا لهم، وأتركوا عنكم
أطماعكم وعقلياتكم الاقتصادية الشريرة المتصلبة .. وتذكروا .. أنتم تقاتلون الشعوب
بعضها مع بعض لتحصلوا علي المال. والمال يجلب لكم التمتع المنقوص، ولكننا –بخطة الشاورما
الضاني- ستحصل علي متعة أكبر .. بمال أقل .. ومعه السلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق