الثلاثاء، 27 مارس 2018

خيانة يهوذا العظمي



"لأَنَّهُ لَيْسَ عَدُوٌّ يُعَيِّرُنِي فَأَحْتَمِلَ. لَيْسَ مُبْغِضِي تَعَظَّمَ عَلَيَّ فَأَخْتَبِئَ مِنْهُ. بَلْ أَنْتَ إِنْسَانٌ عَدِيلِي، إِلْفِي وَصَدِيقِي، الَّذِي مَعَهُ كَانَتْ تَحْلُو لَنَا الْعِشْرَةُ" (مزمور12:55) 
أشهر خائنين في التاريخ: .. يهوذا، فبروتس.
يهوذا لمْ يخن المسيح ، ولابروتس خان قيصر،
بل كليهما خانا علة الوجود .. جوهر الله وأصل صفاته .. والقوة المُسببة والمحركة للحياة ..
"الحب" !
خان المسيح كل أهله وتلاميذه، ماعدا أمه والتلميذ الشاب النبيل المندفع بالحب والمطمئن بالسلطة،
وخان قيصر أغلب رجاله المقربين النبلاء الذين عفا عنهم وأكرمهم بعد خيانته.
لكنّ المسيح -في كل آلالامه العظيمة- لم يتألم أشد مما تألم من خيانة يهوذا،
وقيصر لم يتوقف عن المقاومة وأخفي وجه بثيابه، إلا عندما رأي بروتس بين الطاعنين.


***



"فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: يَا صَاحِبُ، لِمَاذَا جِئْتَ؟" – (متي 50:26)

"وأنت أيضاً يا ولدي؟ حتي أنت يابروتس؟" – يوليوس قيصر 

لمّا جاء الاعداء لخطفه عاتبهم .. ولمّا ضرب تلميذ أذن أحدهم،
نهرَ تلميذه وشفا المعتدي.
الخيانة والشر والألم والرفض وسوء الفهم والكبر والذات والغيرة والحماقة تسكن الأرض منذ حادثة القتل الأولي ..
أما ماينجينا منهم .. فهو الحب.
نُجرح، فنهرع للاصحاب ..
نُرفض، فنلوذ بأحضان الأهل ..
فإذا جرح الاصحاب ورفض الأهل .. فأين تسكن الأرواح؟
تطوف تبحث عن الحب في مواطنه، فتجد كل ماينفيه .. فتجزع جزع لاشفاء منه.


***

"فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟" (لوقا 48:22)

لم يكن السؤال "لماذا تسلم ابن الإنسان؟"، ولكن "أبقبلة!!!"
الكل حوله الآن خونة، أو خونة مع إيقاف التنفيذ .. فلا فضل لأحد علي يهوذا بالإخلاص.
أما الطاعن فبالسيف ..
واللاعن بالسباب ..
والمتخلي فبالهرب ..
والحاقد بسواد الوجه واحمرار العنين ..
أفتكون خائن بقبلة ؟؟!!
أتدنس الحب وأدواته ؟!!
ضرب ولطم الجنود طوال الليل .. بل حتي الصلب لم يؤلمه ولا استتنكره كما استنكر القبلة!
أضعف وأهرب وأبكي بحرقة .. ولكن لاتدنس الحب، لأنه هو الذي يُطهّر.


***


"فَلِلْوَقْتِ تَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ: «السَّلاَمُ يَا سَيِّدِي!» وَقَبَّلَهُ" 
(متي 49:26)

أما أنت يايهوذا فعليك كل لعنة التاريخ الإنساني ..
أنت وكل أتباعك الخانين باسم الحب ..
ترسل السلام وتخون!
تقبل فتسكب بدل الحب سُمًا؟!
تدخل بستان الزيتون - وفي الزيتون عهد سلام - تقود قافلة الكراهية والحقد ؟؟ ؟؟
أنت ..
وكل شهوانيّ باسم الحب ينتهك الأجساد، فيدنس أعظم علاقة اتحاد أبدية ..
وكل ماديّ باسم الحب يعقد صفات بيع وشراء البشر والعلاقات في بورصة مُسعرة ..
وكل سلطوي باسم الحب الأبوي والأموميّ يستعبد ويذل وينمط ويكسر أجنحة ..
كلكم بؤساء هالكون بلا عودة ..
لأن ذنبكم أعظم من أن يغتفر ..
ولأنكم أحرقتكم مراكب العودة وهدمتم الجسور ..
فكل خذلان وخيانة يمحون في بحر الحب العظيم الذي يغمر الكون بمداد لايتنهي من قِبل غير المحدود وغير المحوي ..
بذاته! ..
أما وقد كفرتم بالبحر والسماء والهواء والدفء والجمال والروابط،
بل بالوجود والحق والحياة ..
فعلي أي أرض ستقفون؟ وإلي أي سماء سترفعون أياديكم وأعينكم؟
ماالذي سيُبقي أنفاسكم والترابط بين خلاياكم؟
أنتم أموات بلا رجاء، وإن لم تنحروا أنفسكم ..
أنكم بؤساء معذبون في جحيم لايطاق، حتي وأنتم في بذخ وتنعم ..
أنتم أكره الكائنات -حتي لأنفسكم- لأنكم تحرقون الحياة وتسممون المنابع ..
تشوهون الحب الذي يقبلكم .. ولكنكم ماعدتم لتؤمنوا بوجوده أصلًا ..
وأنتم خائنوه.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق