"إن فى العالم ظلاماً كثيراً ، ولذا فهو يرحب بكل شمعة ولو كانت صغيرة تبدد ظلامه" الكاتب المسرحى ترينس راتنجان
السبت، 17 مارس 2012
حدث أكبر من الكتابة عنه
الخميس، 8 مارس 2012
"كيس المْخَدّة"
الخميس، 1 مارس 2012
معطف الصوف
وتم نشرها احتفالاً باكتشافى مدونة كاملة بتتكلم بس عن "المعطف" .. اللى هى دى
http://me3taf.blogspot.com
____________________
- كم اشتقت إليك يا ابنتي!
- كم اشتقت إليك يا أبي!
- اشتقت إلى صوتك.. إلى وجهك..
- صوتك.. وجهك..
- ولكن لا!
- لكن لا..
- لن أطلب لقاءك إلا أن تكون هذه رغبتك الكاملة.
- لن أسعى للقائك إلا بعد أن أنهي صناعة المعطف الصوفي الجديد لك.
- ربما لو طرقت باب حجرتك لأسألك عن رغبتك لا أتركك بعدها أبدًا من فرط شوقي لك الآن.
- ربما لو خرجت كمثل عادتي قبلاً في المساء لأحادثك.. ما عدت إلى الخيوط والقماش من فرط احتياجي لك.
- ما الذي أبعدك عني؟
- يا لهذا المعطف الذي يبعدني عنك..
- هل هناك في حياتك من هو أهم مني؟
- لا يوجد في حياتي من هو أهم منك أبي لأصنع لأجله معطفًا للشتاء بكل مهاراتي المتواضعة.
- لا أمانع أن تكون لك اهتمامات أخرى غيري.. بل وأهم أيضًا.. لكن لماذا لم تأتِ كعادتك وتحكِ لي؟
- أتحرق شوقًا أن أخبرك عن سبب انقطاعي عنك.. أموت فضولاً لأرى انطباعك على كل خطوة أفعلها لمعطفك.
- تنسحبين من حياتي فجأة وبغموض ولا تعلمين أنك أنت حياتي.
- أصبحت أمسياتي موحشة بين قماش وخيوط.. لكن عزائي أني أصنع لك بكل إمكاناتي ثوبًا يدفئك.
- أتعلمين أني أرتجف من البرد؟
- يا ليتني أستطيع أن أصنع معطفًا يقيك الحزن أيضًا..
- عندي معاطف كثيرة قيِّمة لم أفكر يومًا أن ألبسها لأنها لا تدفئ.. فقط حضنك يمنحني الدفء.
- أما أنا فلن أصنع لنفسي معطفًا.. فقط سأطلب منك أن تضمني عندما أبرد.. وعندما أحزن أيضًا.
- اشتقت إلى الأسئلة في عينيك.. والمرح في صوتك..
- الخيوط تتعقد وأحتاجك لتساعدني في حلها.. أحتاج لذوقك الجميل في تركيب الألوان.
- لكن لا..
- لكن لا..
- لا أريد أن أزعجك.
- لا أريد أن أخذلك.
- سأصارع رغبتي حتى أصرعها أو تصرعني.. ولتظلي يا ملاكي بحرية كاملة.
- سأقاوم ضعفي وقلة خبرتي.. وأبذل ما في وسعي لأنجز معطفك مهما كلفني من ألم غيابك.
- الثلج ينحصر والربيع يأتي وأنت بعيدة.
- مخاوفي كثيرة كثيرة.. تتسرب مني لتسكن ثنايا القماش.. أنسجها دون وعي مع الأغاني السعيدة التي تحبها يا أبي في عقد الخيط.
- أين أنت لأمسك يدك الصغيرة؟ نجري في الحدائق فتطير قمصاننا الخفيفة كأنها أجنحة لنا.
- أريده معطفًا قويًّا ثقيلاً.. بالتأكيد الجو الآن بالخارج ممطر بارق راعد عاصف.
- لا قيمة لدفء الجو الآن.. أريد دفء حنان عينيك. لا أرى أزهار الربيع الرائعة.. أكاد أجن إن لم تعاودني ابتسامتك.
- الوحدة.. الوحشة.. ومزيد من الخوف.. إنها معاني افتقادك يا أبي.. المعطف لا ينتهي.. وليس جميلاً كما ينبغي..
- ها هو صاحب مصنع الملابس - أنا! - يفقد الثقة في كل أنواع القماش أن تمنحه دفئًا لقلبه.
- ها هي ابنة صاحب مصنع الملابس - أنا! - تقضي فصلاً كاملاً في صناعة معطف واحد ليدفئ أباها فيخرج مليئًا بالأخطاء.
- لو تعلمين أن أثمن أثوابي صارت كفنًا في عيني لأنها لم تأخذ الحياة من احتضانك.. وأن ملابسي القديمة الرثة ثياب ملك بالنسبة لي لأنها احتوت يومًا أميرتي.
- لو تعلم أني بذلت مجهودًا في هذا الثوب المهلهل يفوق مجهود كل عمال مصانعك لمدة عام لربما سخرت مني.
- تعالي يا حبيبتي وأعيدي إليَّ الحياة.. فقد صرت كمسوح الحزن.
- آه لو تأتي لتصلح عملي بخبرتك.. لصار المعطف كثوب عرس رائع.
- هل لم أعد مرساتك ومخزن أسرارك؟
- هل لا أستحق بعد محاولتي الفاشلة أن أدعى ابنتك؟
- أحبك حتى وإن لم تعودي تحبينني.
- أحبك حتى وإن لم أعرف أن أعبر عن حبي بمعطف يناسب عظمتك وعظمة حبي لك.
- سأنتظرك كل يوم ولن أمل أبدًا..
- سأحاول مرة أخرى - عبثًا - أن أعدل من المعطف.
- لن ألومك أن كل ليلة من دونك تزيدني ألمًا مبرحًا.
- لن أشكو أن كل يوم بعيدًا عنك عذاب فوق طاقتي.
- وسأظل أسأل حتى أحصل على جواب..
- وربما راجعت نفسي لأتخلص من حيرتي..
- ما الذي يستحق هذا البعاد كله؟
- هل أدى معطف الصوف ما أردته منه.. أم صار حاجز استعباد؟