كُتِبَت تعليقا على مقالة منير عامر "أرجوك لاتلمس الخنجر الذى فى ظهرى" فى الأهرام يوم 16-11-2009
http://www.ahram.org.eg/Archive/2009/11/16/WRIT3.HTM
خــنــاجــر
+قد لايكون لكل بنى أدم الأحياء عيون تعمل بكفاءة ، أذان ، أو أطراف مشدودة الأعصاب ، لكنّ المؤكد أن لكل منهم قلب ورأس........وظهر مغروز فيه خنجر.
+الطريف والمؤسف أنه لاأحد يرى خنجره ، لأنه فى ظهره. والمضحك حتى البكاء ، أن الناس لايرون خناجر إلا من سبقوهم ! . أما الذين دوما فى المؤخرة فلا أحد يرى خناجرهم لأنه لاأحد خلفهم.
+القائد والمميز....وكل اصحاب الصف الأول حُكم عليهم أن يكون خنجرهم معروض لكل تابعيهم ، لأنهم دوما فى المقدمة.
+تتنوع الخناجر كما تتنوع ملابس الناس ومنازلهم وأغراضهم وثقافاتهم ، فهناك الخنجر الخشبى والنحاسى....الذهبى والفضى وأى نوع أخر من المعادن...هناك الخنجر ذو المقبض الصدِأ والآخر مقبضه من الأبانوس المرصع بالأحجار الكريمة. خنجر بسلاح حاد مسنون ، وأخر بقاطع عريض بليد. ماسى صغير رقيق ولكنه مشتعل كالنار ، وأخر مطاطى خفيف مرن... تشكيلة متنوعة بعدد أنواع البشر. لكن يوحدها أنها كلها خناجر مؤلمة فى الظهور.
+لاتعتمد درجة الألم التى يُحدثها الخنجر على قيمته المادية ، بل لاتعتمد بالقدر الأكبر على نوع الخنجر من الأساس. هناك عوامل أخرى أكثر أهمية، كاليد التى غرزته ، والزاوية التى غرز بها ، المكان الذى غرز فيه فى الظهر –قرب القلب يعتبر مكان مقتل مثلا- والأهم على الأطلاق نوع الجسم الذى غرز فيه والنشاط الذى يمارسه.
+الكل لايرى خنجره ، ولكن هناك اشخاص حساسون جدا لخناجرهم ، يقضون عمرهم كله يتألمون منها.... وربما ماتوا من معاناة الألم فقط حتى لو كانت اصاباتهم غير مميتة. آخرون على النقيض يحيون ويموتون دون أن يشعروا بخناجرهم... لكن هذا لاينفى وجودها، وربما بأفتقادهم لنعمة الألم يتجاهلون جروح خناجرهم حتى تتسبب فى وفاتهم أيضا. البعض يدفع حياته ثمنا لنزع خنجره فينزف حتى الموت ، والبعض يتعايش مع آلام خنجره فلا يفكر فى حل أو علاج.
+البحث عن علاج أو حل لذلك الخنجر هى قضية البشر الأولى ، حتى وإن لم يجاهروا كلهم ، الأغلبية تنقصها شجاعة الأعتراف بوجود خنجرها من الأساس ، تشعر بالرضا لأنها لاتراه فى المرآة كل يوم صباحا وهى تستعد للنزول ، مع أنها لاترى عقولها أو قلوبها لاتنفى وجودها كالخنجر.
+هناك من يستخدمون جروح خناجرهم لإثارة الشفقة والأستجداء . وهناك من يمنعهم كبرياءهم حتى من مجرد إظهار وجود الخنجر ، يخفونه مضغوطا فى ستراتهم الرسمية حتى لايؤذوا مرهفى الحس بمنظر الخنجر....... ويتحملون فى سبيل ذلك آلاما مضاعفة.
+أحيانا عدم معرفتنا بحجم خنجرنا الحقيقى وحقيقة وضعه ومدى تغلغله فى اجسادنا يعرضنا لخطرين ، خطر التهوين وخطر التهويل. التهوين يجعلنا نسلك كأننا بلا خنجر فنصدم أثناء استلقاءنا على ظهورنا لحظة تأمل أو فى وضع استجمام على شاطئ بذلك الألم الحاد المباغت.
والتهويل يجعلنا نخاف أن نجلس أن....نجرى....أن نلعب ، نقضى عمرنا ممزوجا بمشاعر الحرص والحذر.
+المقربون فقط –بل شديدو القربى على الأخص- هم من يعرفون كيف يتعاملون مع خناجرنا أكثر مننا نحن اصحابها. من طول المعاشرة والمتابعة يعرفون كيف يسعفون آلامنا .... فى حين لانعرف نحن أن نصل إليها اصلا. يحفظون عن ظهر قلب شكل خنجرنا وأبعاده ، فى حين لم نره نحن أبدا. يعرفون بخبرة عجيبة أين يضعون اصابعهم برفق فيُشيعون احساس الراحة ، ويعرفون –وربما كان هذا مثير للخوف- كيف يشعلون آلما جنونيا أو يصيبون المقتل.
+أخيرا.... خبرة خنجرى علمتنى...... ، أن أشفق على الكل لأن الكل اصحاب خناجر....ولا استثنى من الكل نفسى. وإن كان الخنجر واقع لايمكن انكاره ، إلا أنه قابل للتفاوض.
وليس آخرا.... الحياة بالحب -بالنسبة لشأن الخنجر– هى أن تتأكد أنك بشكل أو بآخر قادر على تخفيف آلام خناجر الأخرين إلى درجة أن تقبلها أو يقبلونها..... وربما بسببها يحبونك فيحبونها.... فتحب الخناجر ومعها خنجرك..... هذا إذا أردت.....
===========================================
أغنية بننجرح لمنير.....كانت فى ودانى وأنا بكتب دى.... و أحيان أخر كتيييييييييييييييييييييرة.
http://www.6r63h.com/listen-12157.shtml
============================
كلُّ أرضٍ تحت نعال الروح.. هاوية
كلُّ منيـّة في مصاف الرؤى.. خنجـر
غاده السمان